الأستاذ يوسف ولد عبد لله
طالعتنا يوم الخميس 28 10 2010 شبكة صحراء ميديا في نسختيها الورقية و الألكترونية بتحقيق صحفي أراد المشرفون عليه أن يكون مثيرا ، وان يشكل سبقا صحفيا .، وذالك تحت عنوان :
” صحراء ميديا تنشر تفاصيل عملية ” العنكبوت ” التي استهدفت التجسس على الأمريكيين في موريتانيا ” . وكان هذا التحقيق بقلم الصحفي اللامع و المتميز الربيع ولد إدوم ، والذي نكن له كثيرا من الاحترام و التقدير .
ونحن بصفتنا محامى الشخص المتهم والمذكور في هذا التحقيق ” بطل القصة” الجزائري أبو حمزة عبد القادر- وتمشيا مع رغبته الشخصية- نجد أنفسنا معنيين بالرد على ما جاء في هذا التحقيق من تشويه للحقائق نعتقد جازمين انه غير مقصود ، ولعله ناجم عن اعتماد الصحفي على وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر سلطة الاتهام والتي لم تستطع أن تشكل قناعة بإدانة المتهم لدى هيئة المحكمة .
وكرد على ما جاء في هذا التحقيق الصحفي، ولإنارة الرأي العام حول هذا الموضوع، نود إثارة النقاط التالية :
في البدء نسجل في هذا المقام عتبنا على الأخ الربيع ولد إدوم ، حيث كنا نود و ننتظر منه كمهني متميز أن يسعى إلى الحصول على وجهة النظر الأخرى بان يتصل بالمتهم أو محاميه أو أن يسعى إلى الحضور في جلسة المحاكمة حيث تم بسط القضية و أشبعت نقاشا و تمحيصا من طرف النيابة العامة و الدفاع و هيئة المحكمة ، وحيث تم بحث أدلة القضية بالتفصيل.
· نسجل أيضا في هذا المقام استنكارنا لتسريب وثائق الملف في هذه المرحلة من مراحل المحاكمة. حيث أن الحكم الصادر في هذه القضية حتى الآن ليس حكما نهائيا، وقد تم استئنافه من طرف المتهم، وسيتم النظر فيه من جديد من طرف محكمة الاستئناف.
على ذالك الأساس،يكون نشر وثائق من الملف وبهذه الصورة مخالف للقانون ، والذي يلزم الأشخاص المعهود إليهم حفظ هذه الوثائق بعدم تسريبها تحت طائلة المتابعات الجزائية . وهنا نؤكد تمسك المتهم بحقه في متابعة الأشخاص المسؤولين عن ذالك.حيث يستشعر المتهم حجم الأضرار التي قد تنجم له عن تسريب كهذا من حيث وضع حياته في خطر جدي، ومن حيث إمكانية تأليب الرأي العام ضده وما يمكن أن يصحب ذالك من تأثير على محاكمته الثانية أمام محكمة الاستئناف.
· نشير إلى أن الوثائق التي تمت الإشارة إليها في هذا التحقيق على أنها وثائق أمنية هامة لا تعدو أن تكون محاضر الشرطة و محاضر التحقيق الموجودة في الملف و التي على ما يبدو أن الأخ الصحفي تحصل عليها من مصادره الخاصة في العدالة.حيث أن المعلومات التي تم نشرها هي بالحرف الواحد ما جاء في هذه المحاضر دون تعديل.
وما جاء فيها – بالطبع ليس حقائق مسلمة ولا يشكل دليل إدانة – وإلا كانت تشكلت لدى هيئة المحكمة الموقرة القناعة بإدانة المتهم بجرم التجسس و المساس بمصالح موريتانيا الأمنية.
· وحيث أن الملف لا يزال بين يدي العدالة ، وانطلاقا من أن الواجب المهني يحتم علينا عدم الخوض بتفاصيل اى ملف لا يزال منظورا أمام المحاكم ولم يصدر فيه بعد حكما نهائيا . و رغبة منا مع ذالك في إنارة الراى العام حول هذه القضية – و دون الدخول فى تفاصيل يقتضى مسار الملف عدم الخوض فيها علنا- نؤكد للقراء الكرام و المهتمين بهذا الموضوع ما يلي:
§ تمت إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات بنواكشوط بتهمة التجسس بإبلاغ معلومات لغير ذي صفة ، بالإضافة إلى تهمة القيام بعمل من أعمال الوظائف العمومية من خلال متابعة الأشخاص . وطالبت النيابة إدانته بالتهمتين المذكورتين و معاقبته السجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة المؤقتة.
§ بعد عرضه على المحاكمة حكمت المحكمة ابتدائيا حضوريا بإدانته بجنحة القيام بعمل من أعمال الوظائف العمومية من خلال متابعة الأشخاص و عقوبته بالحبس النافذ سنتين. وتبرئته من تهمة التجسس .
§ استأنف المتهم و دفاعه حكم المحكمة، ويأملون في أن تتم تبرأته من هذه التهمة أمام محكمة الاستئناف قريبا،وذالك لما يرون من أسباب موضوعية و قانونية تصب في هذا الاتجاه.
§ لم تستأنف النيابة الحكم المذكور ، وذالك إن دل على شيء فإنما يدل على اقتناعها بعدم تأسيس هذا الاتهام بعد نقاش الأدلة في المحاكمة الأولى ، وصواب حكم المحكمة في تبرئة المتهم من تهمة التجسس.
§ ما تم نشره فى التحقيق الصحفي المذكور قد شوه حقائق القضية ، حيث اعتمد على استنساخ محاضر الشرطة و محاضر التحقيق الأخرى دون استنطاق لهذه المحاضر ، ودون معرفة القيمة الحقيقية لها.
§ ما سعى التحقيق إلى تصويره على أنه من أهم القصص النموذجية في ملفات المخابرات الموريتانية ، ومن ان هناك مخطط إيطالي خطير يسعى إلى التجسس على موريتانيا و ضيوفها، كل ذالك لا يعدو ان يكون محاولة غير موفقة للإثارة و التشويق .
§ لم يسعى هذا المتهم فى يوم من الأيام إلى المساس بمصالح موريتانيا الأمنية ، ولا إلى الحصول على أى معلومة تتعلق بالمحاظر الموريتانية أو بالمجتمع الموريتاني.
§ المعلومات التى نسبت النيابة إلى المتهم الاعتراف بإرسالها إلى المخابرات الإيطالية ليست معلومات سرية ، ولا تحمل أي طابع أمنى. وكان بإمكان أي شخص أن يحصل عليها بسهولة و دون أي عناء . فمتى كان رقم هاتف شخص و عنوانه الألكترونى ، وخبر انفجار أخر أمام السفارة الفرنسية ،و وفاة عالم دين شهير، أخبار يشكل الكشف عن تبادلها كشفا عن شبكة للتجسس .
§ فى الأخير ، ومرة أخرى نؤكد أن ما جاء في التحقيق من إدانة المتهم بتهمة التجسس عار من الصحة تماما ،وان لا وجود إطلاقا لما يثبت وجود شبكة تجسس. وان المواطن الجزائري المذكور ضحية لظروف قاهرة أدت به إلى أن يقع في هذه الورطة، والتي يأمل أن تتضح كل ملابساتها قريبا ، وتتضح براءته من ما نسب إليه ، وينال على إثر ذالك حريته المفقودة منذ أزيد من سنة.
أخيرا، نتمنى للأخوة في صحراء ميديا التوفيق في نقل الأخبار بموضوعية و تجرد ، ونربوا بهم عن الأخذ بأسلوب الإثارة لمجرد الإثارة، ولعل هذه المرة إنما هي كبوة جواد نرجوا أن لا تتكرر.