صحراء ميديا ـ خاص
لم يتمكن حوالي 70 ألف ناخب في غينيا من الإدلاء بأصواتهم في جولة “الحسم” بين سيلو دالين ديالو والبروفيسور ألفا كوندي في إطار الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية وذلك بسبب إلغاء السلطات الجديدة المكلفة بتنظيم الإقتراع للتصاريح الخاصة بدل بطاقات التعريف، التي كان مسموحا باستخدامها في الجولة الأولى – التي جرت في يونيو الماضي- من قبل اللجنة الوطنية المستقلة الانتخابية لتلك الفترة.
وقطعت عمليات فرز الأصوات مراحل متقدمة، حيث تدقق لجنة الانتخابات فيها قبل إعلان النتائج النهائية، ودعي حوالي 4 ملايين ومائتي ألف ناخب للتصويت في غنينا، وفي العاصمة كوناكري توجه الناخبون في وقت مبكر الأحد بكثافة في عدة أماكن في عملية ساد خلالها الهدوء والانضباط.
وينتظر أن تؤكد النتائج اختيار الناخبين بين المرشحين سالو دالين ديالو زعيم تحالف “سالو الرئيس” والبروفيسور ألفا كوندي زعيم تحالف “أرك أون سيال”.
وقد أعرب عدد من الناخبين عن إرتياحهم لتمكنهم في نهاية المطاف من التصويت بعد عمليات تأجيل عديدة بسبب “صعوبات فنية” أعلنتها اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة التي شهدت تغييرا لرئيسها إضافة إلى المناخ المتوتر للوضع الاجتماعي والسياسي للبلاد.
وعشية الاقتراع دعا الرئيس الانتقالي الجنرال سيكوبا كوناتي مجددا إلى تنحي العسكريين عن الحكم بعد الانتخابات. ودعا إلى “قطيعة مع ماض شابته أعمال عنف”؛ وانتهاكات حقوق الإنسان.
وقد شجب كل من المرشحين خلال حفل بالمناسبة تميز بمعانقة بينهما أعمال العنف التي شابت الحملة الانتخابية ما أسفر عن وفيات وإصابات وحثا أنصارهما على الهدوء والانضباط.
وكان سالو دالين وألفا كوندي وقعا في 3 سبتمبر الماضي في العاصمة البوركينابية واغادوغو “مدونة حسن سلوك” تحت رعاية الرئيس البوركيني بليز كومباوري، وسيط المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في الأزمة الغينية.
وقد وضعت الحكومة التي قررت إغلاق الحدود حتى نهاية التصويت الجيش في حالة تأهب وأمرت الشرطة وقوات الدرك بالسهر على ضمان سلامة الأشخاص وممتلكاتهم.
وحصل سالو دالين ديالو على 43% من الأصوات في الجولة الأولى في حين حصل ألفا كوندي على 18,63% من أصوات الناخبين الذين بلغت نسبة مشاركتهم في هذه الجولة 52% فقط.
جنرال مالي.. لإدارة الانتخابات
تعهد الرئيس الجديد للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الجنرال المالي سياكا توماني سانغاري ممثل المنظمة الدولية للفرنكفونية في العملية الانتخابية الغينية الذي تم تعيينه مؤخرا في هذا المنصب على إثر خلافات بين مرشحي الجولة الثانية بتوخي “الحياد”. كما التزم بإزالة كل “المخالفات” المندد بها في الجولة الأولى.
وجدد الجنرال سانغاري الذي أدى اليمين الدستورية في محكمة استئناف كوناكري التزاماته هذه داعيا الغينيين لاحترام الحكم الذي سيصدر عن صناديق الإقتراع. وكان سانغاري قد أشار مؤخرا إلى أنه وإذ “لم يفشل” في التوغو ولا في هايتي حيث سبق له وأن أدار انتخابات “فلا يمكنه أن يفشل في مهمته بغينيا” أيضا.
ونبه سانغاري زعماء الأحياء إلى أنه لم يعد مسموحا لهم بالتدخل في العملية الانتخابية خاصة في مهمة جمع محاضر الاقتراع التي أصبحت منذ الآن من صلاحيات عناصر قوة تأمين العملية الانتخابية وقوات الدرك المنتشرين عبر مجمل الأراضي الوطنية.
كما أرسل سانغاري إلى الخارج العديد من مساعديه المتهمين بالتلاعب بالنتائج وبالتزوير الانتخابي في الجولة الأولى.
تهم متبادلة..
وبضغط من المجتمع الدولي، دعا المرشحان المنحدران من اثنيتين مختلفتين تعتبران الأكبر في غينيا، الجمعة سويا إلى الهدوء والتآخي بعد حملة انتخابية شهدت أعمال عنف سياسية وقبلية.
وتبادل المعسكران التهم بإعداد عمليات تزوير واندلعت، على خلفية توتر إثني أججته الشائعات، مواجهات أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى وقتيل على الأقل؛ بحسب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.
ويرتقب أن تضع هذه الانتخابات الرئاسية الحرة الأولى حدا لخمسين سنة من الدكتاتورية والأنظمة التعسفية في غينيا، المستعمرة الفرنسية سابقا التي استقلت سنة 1958.
وكان “أب الاستقلال” الراحل احمد سيكو توري الذي ترأس البلاد لأكثر من ربع قرن (1958-1984) يسعى إلى إقامة مجتمع اشتراكي لكنه تحول إلى دكتاتور.
وشهدت البلاد بعد ذلك نظاما عسكريا قاده لنسانا كونتي دام 24 سنة (1984-2008)، تلته خيبات امل مريرة مع النظام العسكري الذي قاده الكابتن موسى داديس كامارا الذي استولى على الحكم نهاية 2008، قبل أن يخرج من السلطة بعد إصابة بالغة إثر محاولة اغتيال استهدفته.
وأثارت مجزرة قتل فيها 157 معارضا في سبتمبر 2009 في ملعب كوناكري صدمة كبرى في غينيا.
ولا يزال نصف السكان في هذا البلد الذي يملك ثروة منجمية هائلة تتنازع عليها الشركات المتعددة الجنسيات، يعيشون تحت عتبة الفقر وحيث معظم المنازل لا تصلها المياه العذبة ولا الكهرباء.