لعيون ـ خاص ـ صحراء ميديا
عاد الهدوء الى مدينة العيون كبرى مدن الصحراء الغربية و تدريجيا بدأ السكان يستأنفون حياتهم الطبيعية منذ صباح أمس الثلاثاء .
وسط المدينة بدت حركة السير طبيعية ، موطفون مسرعون في طريقهم الى أماكن عملهم مع بداية الدوام مثل ما يحدث في أي يوم عادي وأباء خلف المقود في سيارا تهم في الصباح الباكر لضمان وصول أطفالهم الى المدرسة قبل بداية الدوام المدرسي بعد يومين من المواجهات العنيفة بين المحتجين الصحراويين وقوات الأمن المغربية على خلفية تفكيك السلطات المغربية لمخيم “اكديم ازيك ” الاحتجاجي قرب مدينة العيون والذي أقامه الأف الصحراويين المغاربة للمطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية .
في شارع “السمارة” أحد الشوراع الرئيسية في العيون غصت المقاهي بالزبائن كالعادة ، كان الصحراويون يناقشون تداعيات الأحداث على وضعهم الاجتماعي والاقتصادي ومستقبلهم السياسي بصوت مرتفع وهم يحتسون أكواب القهوة والشاي الساخنة وبالرغم من الوجود العسكري والأمني المكثف في المدينة لم يتم فرض طوق أمني حول أحياء ينشط فيها متعاطفون مع جبهة البوليساريو مثل حي “معط الله” وبدت الحياة طبيعية في أحياء مثل هذه شهدت شغبا في السابق ولم تكن هناك تعقيدات أمنية في الدخول أو الخروج منها .
ومع حلول الظهيرة كانت أسواق “الخضار” و”اللحوم” في مدينة “لعيون” قد غصت بالمتسوقين ، حمل الصحراويون معهم حاجياتهم الغذائية الى بيوتهم وهم يفكرون ربما في النتائج المترتبة على الأحداث الأمنية الأخيرة وتأثيرها على وضعهم المعيشي “أنا في طريقي الى منزلي وقد حملت معي متطلبات اليوم وأغراضا لأطفالي ، أردنا ايصال رسالة مفادها أننا غير راضين بسبب عدم توفر السكن والعمل لأبنائنا ، أعتقد أن الرسالة وصلت وعلينا ان نتجنب الفوضي وتعكير صفو حياة الناس ” يقول عبد الله الصحراوي الستيني الذي شارك في المخيم الاحتجاجي .
أستغرقت العملية الأمنية الدقيقة التي قامت بها أجهزة الأمن المغربية لتفكيك المخيم أقل من ساعة وعندما كانت عناصر الأمن المغربية تجمع خيم المحتجين الصحراويين وترمي بها مع أمتعتهم لتنهي “الافتراش” العشوائي في الصحراء كانت غالبية سكان المخيم تغط في النوم بالمدينة اذ دأب المحتجون على العودة ليلا الى بيوتهم للنوم فيها والعودة الى المخيم الأحتجاجي في الصباح .
الأقلية التي تنام في المخيم قاومت بشراسة اقتحام قوات الأمن المغربية للمخيم ، مصادر في العيون ذكرت أن المقاومة قادتها عناصر محسوبة على جبهة البوليساريو الانفصالية حملت معها الى المخيم سكاكين وعصي وأسلحة بيضاء أخرى ومضامين سياسية لحركة احتجاج ذات مطالب اجتماعية مشروعة في نظر الكثير من المغاربة .
وفي أخر حصيلة رسمية مغربية لأحداث العيون الدامية قالت السلطات المغربية ان ستة أشخاص قتلوا من بينهم خمسة من أفراد أجهزة الأمن وكانت المواجهات قد أنتقلت مباشرة بعد تفكيك المخيم إلى شوارع وأحياء المدينة حيث تعرضت ممتلكات عمومية وخاصوصية للنهب والسرقة والتخريب وتضررت من المواجهات مصارف و مدارس ومقاهي ومتاجر ومكاتب إدارية وأخرى أمنية .
صحراء ميديا انتقلت إلى شارع “اسكيكيمة” الذي نال نصيبه من عمليات النهب و التخريب وهو الذي يتمركز فيه التجار الموريتانيون حيث تعرضت محلاتهم على غرار المحلات لأخرى للسرقة والتخريب بعد أن قام متظاهرون بإضرام النيران. فيها وهم في طريق العودة من المخيم الاحتجاجي الذي فككته السلطات المغربية عشية بدء جولة جديدة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو في نيويورك لمنع استخدامه كورقة ضغط سياسي ودبلوماسي من طرف جبهة البوليساريو المتهمة بمحاولة استغلال حركة احتجاج ذات طابع اجتماعي لأغراض سياسية .
ووسط الحرائق والدخان المنبعث من اطارات السيارات المحروقة وبقايا سلع متناثرة وقف محمد عبد الرحمن التاجر الموريتاني الشاب المقيم في المغرب منذ سنوات وقد أصابه الذهول بعد تعرض محله للتخريب حيث تم السطو على كل محتوياته و المقدرة ب 150 ألف درهم إضافة إلى مبلغ مالي وشيكات و وثائق هوية ، ” قبل أيام جلبت السلع من موريتانيا تحضيرا لعيد الأضحى وكنت أنتظر موسما تجاريا جيدا ، في أخر اللحظات لم استطع تخليص سوى آلة واحدة للخياطة من بين أيدي حفنة أخيرة من المشاغبين” يقول محمد عبد الرحمن بحسرة .
وروى تاجر موريتاني أخر كيف تم نهب متجره قائلا “بعد أن تلقيت اتصال هاتفيا على الساعة الثالثة والنصف زوال يوم الاثنين التحقت بمحلي الكائن بشارع اسكيكيمة رقم 65 كي أتفاجئ بمتظاهرين يعيثون فسادا في أملاكي لم أستطع صدهم خوفا على روحي تم نهب بضاعتي دراريع آلات خياطة مبلغ مالي و خسائري تقدر ب 220 ألف درهم يقول محمد محمود ولد اسلمو .
وتوجه بعد ظهر الثلاثاء ممثلون عن التجار الموريتانيين في مدينة العيون إلى دوائر الأمن بيد أنهم لم يستطيعوا حتى نهاية الدوام تقديم شكاية في الموضوع بسبب انشغال الاجهزة الأمنية بالوضع المتوتر في المدينة وترتيب الحالة الأمنية فيها تمهيدا لعودة الحياة الى طبيعتها بشكل نهائي في المدينة .
وطلب ممثلوا التجار الموريتانيين في وقت لاحق من نائب السفير الموريتاني بالمغرب “التدخل لدى السلطات المغربية لحماية ممتلكاتنا والعمل على تعويض خسائرنا،إضافة إلى ذلك قمنا بإفراغ محلاتنا من محتوياتها إلى أماكن أمنة” بحسب ما جاء في تصريحات لناطق باسم التجار تحدث الى صحراء ميديا .