طوبا (السنغال)- عبد الله ولد أتفغ المختار
رقم قياسي جديد لعدد زوار مدينة “طوبا” السنغالية هذا العام، في الذكرى السادسة عشر بعد المائة لنفي الشيخ أحمدو بمبا(خادم رسول الله)، أبرز شيخ صوفية في تاريخ السنغال. الرئيس السنغالي عبد الله واد كان في مقدمة الحاضرين، وهو المقبل على انتخابات رئاسية العام القادم، و كان السباق إلى تقبيل يد خليفة الشيخ أحمدو بمبا، يومين قبل موعد الحشد الكبير، “ماغال طوبا”.
الحضور الموريتاني كان لافتا، حيث استقبل الخليفة العام بمنزله وفدا موريتانيا، ضم ممثلين عن المشيخات الصوفية، وقد واكب الوفد كل مراسيم “ماغال” كما أعرب بعض من أعضاء الوفد عن أهمية تقوية العلاقات مع الطريقة المريدية في السنغال نظرا لـ”تأثيرها الواضح في القرار السياسي وقدرتها على التأثير في الرأي العام” بحسب تعبير بعضهم.
الرئيس واد طمأن الخليفة العام للطريقة المريدية، و وعد بمزيد من عناية حكومته بتحديث المدينة، وسعيه لتقديم مشروع قانون للبرلمان يتضمن اعتبار يوم “نفي خادم الرسول” عيدا وطنيا، وعطلة معوضة لكل السنغاليين، كما دفع واد بوزيره الأول وغالبية وزراء حكومته، لتمثيله في كل فعاليات الموسم، تأكيدا للدعم المعلن، بموازاة مع حضور شخصيات معارضة كبيرة، تخطب بدورها ود المريدين.
و بحضور الوزير الأول السنغالي سليمان انديا، ووزراء السيادة في حكومته، وغالبية ممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية في السنغال، خلدت مدينة (طوبا) السنغالية الذكرى 116 لموسم (ماغال طوبا) وهو يوم نفي الشيخ أحمدو بمبا على يد المستعمر الفرنسي إلى الغابون عام 1895 لمدة ثمان سنوات، قبل أن يُـنفى مجددا إلى موريتانيا لمدة أربع سنوات، عاد بعدها ليخضع لإقامة جبرية طيلة ستة عشر عاما قبل إنتقاله للرفيق الأعلى عام 1927.
ماغال هذا العام شهد تزايدا كبيرا في حجم زواره، حيث تجاوز عددهم خمسة ملايين من مختلف الأصقاع والأمصار، وفق إحصائيات غير رسمية، وتميز خطاب مشايخ وقيادات الطريقة المريدية، في الموسم الذي اختتم الاثنين، بالحث على “تعلم أتباع الطريقة اللغة العربية، بوصفها لغة القرآن”.
هذه الدعوة كانت موضوع ندوة فكرية أحضنتها قاعة المحاضرات، بدار (خادم الرسول) -التي هي مركز النشاطات الثقافية والدينية بالمدينة- وقد حث المتحدث باسم الخليفة ومنسق التظاهرة الشيخ بشيرو عبد القادر امبكه على “ضرورة تعلم الدين، واجتناب المحرمات، واستشعار منهج الشيخ أحمدو بمبا المتمثل في الكتاب والسنة”.
في سياق متصل أكد المنسق العام للإعلام الشيخ عبد الأحد امبكه، أن “قوة المريدين مستمدة من توحدهم، وامتثالهم لتوجيهات شيخ طوبا” وفي معرض رده على سؤال عن سياستهم المستقبلية للموسم في وقت يتجاوز عدد “حجاج طوبا” أعداد حجاج بيت الله الحرام؟ قال الشيخ عبد الأحد” إنه لا وجه للمقارنة بين حج بيت الله والحج إلى طوبا، فالأول فريضة على كل مسلم قادر، والثاني ليس بفريضة على أي أحد، وإنما هو فرصة لتذكر نهج الشيح وإحياء العهد مع ذلك النهج”.
وأضاف ضمن مؤتمر صحفي عقد يوم الأحد إن “زيارة طوبا قد تُفرغ من محتواها، ومن دلالاتها، في حال شيدنا الفنادق للزوار، ووفرنا لهم ظروفا أحسن للإيواء، لأننا بذلك سنطمس معالم هامة من تاريخ الزيارة، ومن موروث الطريقة، التي من مقاصدها تعليم المسلم الصبر وجهاد النفس، وبذل الغالي والنفيس، في سبيل مرضاة الله” وفق تعبيره.
(حزب الترقية) وهو الوعاء الجامع للمفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات من المريدين، ينشط هو الآخر في مسعى يعتقد منظروه أنه تجديدي، ومن شأنه أن يجعل المريد والمريدية في الإطار العام يواكبان متطلبات العصر، ويصمدان في وجه خصومهما، ويقدم قادة الحزب مقاربة تم تبنيها من طرف المشايخ، تتمثل أساسا في “مواجهة الأفكار بالأفكار” والعمل على “توحيد الشباب وتوعيتهم بالحقائق الأساسية” وإظهار أن “الدين بعيد كل البعد عن المسلكيات الاجتماعية المعيقة” بالإضافة إلى ما يعتبرونه ميزة الصوفية الأساسية، وهي كونها “لا تستخدم العنف لتحقيق أهدافها”.