مفاوضات بين مناصري الرئيس السابق، وأحزاب: عادل، التجمع، والبديل
نواكشوط ـ يعقوب ولد باهداه
تتجه الساحة السياسية الموريتانية إلى تغيير مهم، بخلق إطار جديد لما يحب أنصاره أن يسموه “المعارضة الوسطية”، وذلك بناء على تحالفات يجري التحضير لها الآن عبر مفاوضات بين أكثر من طرف سياسي، بهدف الوصول لاتفاق مرحلي بين بعض أهم مكونات المشهد فيما بعد انتخابات 18 يوليو 2009 الرئاسية.
تقول المعلومات التي توصلت لها “صحراء ميديا” إن إطارا جديدا ينتظر أن يجمع أربعة مجموعات سياسية هي : داعمو الرئيس والمرشح السابق العقيد اعلي ولد محمد فال، حزب العهد الموريتاني للديمقراطية والتنمية(عادل) الذي يرأسه الوزير الأول السابق يحيى ولد أحمد الوقف، حزب تجمع الشعب بقيادة السياسي المخضرم لوليد ولد وداد، و حزب البديل بقيادة الوزير السابق محمد يحظيه ولد المختار الحسن، إضافة إلى الحديث عن احتمال دخول مجموعة يقودها الوزير الأول السابق والمرشح لانتخابات 2007 الزين ولد زيدان في التحالف الجديد.
تشير آخر المعطيات إلى أن الأطراف المعنية اتفقت على تشكيل إطار جامع موحد هو على الأرجح حزب سياسي، وينتظر أن يعقد المكتب التنفيذي لحزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية (عادل) اجتماعا غدا الأربعاء، بهدف دراسة خيارين : إما حل الحزب نهائيا واندماجه في الإطار الجديد، وإما تغيير إسمه وجعله قابلا ليصبح “الوعاء” الذي يستقبل مكونات التحالف الجديد.
يرى بعض المراقبين أن التحالف قيد التأسيس لم يأخذ شكله النهائي بعد وأن المفاوضات لازالت مستمرة، بهدف التوصل لحل إشكالية : هل تنضوي كل هذه المكونات في إطار جامع أم في حزب سياسي موحد؟، وفي حال كان هذا الإطار حزبا سياسيا هل يكون جديدا أم أحد الأحزاب القائمة؟ حيث اختلفت تقديرات قيادات الأطراف المشاركة في اللقاءات.
وخلال اتصالات أجرتها “صحراء ميديا” تحفظت شخصيات بارزة في التحالف قيد الانشاء على الادلاء بتصريحات، فيما سربت مصادر في بعض التشكيلات التي تخوض التفاوض، بعض المقترحات التي تمت مناقشتها، والتي من بينها حسب المصادر، إصرار بعض القادة في حزب “عادل” ضمنهم الوزير أحمد ولد سيدي باب على ضرورة جعل حزبهم هو الجامع لهذه التشكيلات بوصفه الأقدم والأكبر، لكن معظم قادة الأطراف الأخرى يرفضون هذا الطرح، ويميلون لخيار حل الأحزاب القائمة وتشكيل حزب جديد، وهو ما يرون أنه يشكل بالفعل وحدة قوية يتم فيها تمثيل كافة الأطراف بحسب مواقعها وأوزانها بما يضمن انسجاما وتحالفا يدوم لسنوات في ساحة سياسية متغيرة.
بينما تقدم أطراف من حزب عادل خيارا يتعلق بضرورة انضمام مجموعة اعلي ولد محمد فال للحزب ومن ثم يتم التنسيق لاندماج الأطراف أي عادل والتجمع والبديل. غير أن طرفين مهمين في عادل غير متحمسين للفكرة، بحسب المصادر.
مصدر مقرب من قيادات في مجموعة اعلي ولد محمد فال قالت إن وزير العدل السابق خلال الفترة الانتقالية 2005 ـ 2007 محفوظ ولد بتاح هو من يقود المفاوضات مكلفا من المجموعة ومعه كل من الوزير والسفير السابق الشيخ سعد بوه كامرا والأستاذ الجامعي الدكتور اعلي ولد بكار ولد اصنيبه، و يمثل حزب عادل في المفاوضات من طرف الوزيرين أحمد ولد سيدي باب، وبيجل ولد هميد، و يبدي قادة عادل قدرا كبيرا من التفاؤل، أما تجمع الشعب، والبديل فيمثلهما في المفاوضات رئيساهما على التوالي : لوليد ولد وداد، ومحمد يحظيه ولد المختار الحسن وتحدوهما رغبة كبيرة في حصول هذا التحالف.
ويتساءل مراقبون عن موقع الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال في التشكيلة الجديدة؟ وتشير غالبية التوقعات إلى أنه لن يدخل الهيئات القيادية للحزب بشكل شخصي، وإنما سيمنحه رعاية وعناية “رئاسية”، كما تطرح تساؤلات عن طبيعة المواقف التي سيتخذها هذا الحلف الجديد، من خلال تموقعه في الساحة السياسية بين المعارضة و الموالاة (الأغلبية) هل سيتبنى موقفا وسطا؟ أي خيار “المعارضة الوسطية”.. لا بد هنا من الاشارة إلى أن كلا من حزب الشعب والبديل ينضويان رسميا في منسقية المعارضة، ووقعا ميثاقها مع حزب تكتل القوى الديمقراطية والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، إضافة إلى أن عادل هو الآخر عضو في الجبهة وموقع على ميثاق منسقية المعارضة، في حين لم تبرز مواقف معارضة قوية من مجموعة اعلي ولد محمد فال تجاه النظام السياسي الحاكم وأغلبيته، ولكنها أيضا لم تبد إشارات ايجابية اتجاهه.
هذه المعطيات تشير إلى أن التحالف الجديد قد يكون أكثر ميلا نحو المعارضة نظرا لطبيعة مواقف الأطراف المشكلة له خلال ما قبل انتخابات 18 يوليو وما بعدها، رغم أن عددا من قيادات عادل التقى بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، ضمنهم رئيس الحزب يحيى ولد أحمد الوقف، والوزير بيجل ولد هميد، والنائب في البرلمان العزه بنت همام، كما اختير العضور البارز في الحزب ووزير الداخلية في حكومة الوحدة محمد ولد أرزيزيم سفيرا لموريتانيا في آديس بابا ممثلا لها في الاتحاد الافريقي، مما أوحى بوجود تنسيق بين الطرفين قد يؤدي إلى علاقة جديدة تجمعهما.
“المعارضة الوسطية” التي يميل لها الحزب أو التحالف الجديد قد تكون نوعا من تفادي الاندماج الكلي في المعارضة التقليدية أو الموصوفة بالراديكالية والتي يقودها اثنان من أبرز سياسييها تاريخيا : أحمد ولد داداه، ومسعود ولد بلخير.
تشكيلات الحزب المنتظر :
مجموعة اعلي: تتشكل أساسا من أغلب وزراءه في الفترة الانتقالية التي قادها، وبعض من مقربيه اجتماعيا وسياسيا طيلة السنوات الماضية، وشخصيات أخرى متفرقة المشارب.
حزب عادل: تشكل أصلا ليكون حزب الأغلبية في بداية عهد الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ سيدي عبد الله، وجمع داعميه من تيار المستقلين ورموز النظام، غير أن الهزات التي تعرض لها قبيل انقلاب السادس من أغسطس 2008 أدت لبقاء مجموعة واحدة داخل الحزب، وتتشكل أساسا من وزراء سابقين في عهد ولد الشيخ عبد الله و ولد الطايع، وظل عادل عضوا فاعلا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية أبرز فصيل سياسي عارض ولد عبد العزيز.
حزب التجمع : يقوده لوليد ولد وداد وهو وزير سابق ومدير ديوان الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وأمين عام للحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي سابقا، ويضم الحزب عددا من الرموز السياسيين بعضهم لا زال يحتفظ بموقعه كباب ولد سيدي النائب في الجمعية عن مقاطعة المذرذرة و وزير الدفاع السابق في عهد ولد الطايع، لكن اثنين من أهم مؤسسيه رحلا، هما محفوظ ولد خطري نائب مقاطعة جكني إلى الدار الآخرة قبل أيام، وكابه ولد اعليوه وزير الداخلية السابق في عهد ولد الطايع، إلى البرازيل سفيرا لموريتانيا، وكان قد أنهى صلاته بالحزب على مشارف انتخابات 18 يوليو التي لم يجار فيها خيار حزبه الذي انضوى في حلف ولد داداه، بينما اختار ولد أعليوه دعم ولد عبد العزيز.
قطع “التجمع” حبال الوصل مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز قبيل انتخابات 18 يوليو الرئاسية، ودعم المرشح أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية. ولدى الحزب عدد من النواب والشيوخ في غرفتي البرلمان.
حزب البديل : يرأسه محمد يحظيه ولد المختار الحسن، وهو وزير أمين عام لرئاسة الجمهورية في عهد ولد الطائع وأمين عام سابق للحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، ونائب سابق في الجمعية الوطنية، و وزير الداخلية في ثاني حكومات ولد الشيخ عبد الله الثلاث. وكان لدى الحزب نائب واحد في الجمعية الوطنية هو المصطفى ولد عبد العزيز ولد أحمد المكي انسحب منه والتحق بالحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد.
إضافة لمجموعة الزين ولد زيدان التي تتحدث المصادر عن احتمال دخولها في مفاوضات من أجل الاندماج في التشكيلة الجديدة.
وفي انتظار انتهاء المفاوضات والإعلان بشكل نهائي ورسمي عن نتائجتها، تبقى أنظار “الحلفاء” و”الغرماء” في الساحة مشدودة نحو جلسات التفاوض وما ستفضي إليه، لما للمجموعات السياسية المعنية من تاريخ وحضور وتجربة.