نواكشوط- أحمد أمين
بعد أن هدأت الشائعات والتكهنات، بخصوص أول تعديل وزاري في حكومة ولد محمد لغظف، ودون كبير ترقب، فاجأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز الرأي العام بتعديل جزئي، وإن كان في قطاعات حكومية هامة وحساسة في برنامج الرجل الانتخابي.
في قطاع العدالة – التي شدد ولد عبد العزيز أكثر من مرة على ضرورة إصلاحها – جاء التعديل بوجه جديد على الواجهة، قديم في أروقة قصر العدالة، هو المحامي عابدين ولد الخير، عضو اللجنة الوطنية للانتخابات عام 2006 ، ولم يستبعد مراقبون علاقة هذا التعيين – من جهة – بما تحدثت عنه أوساط إعلامية، في الآونة الأخيرة من خلاف بين الوزير المقال باها ولد أميده والمدعي العام لدى المحكمة السيد ولد الغيلاني، كما أن الوزير الجديد ينحدر من شريحة مستهدفة بالبرامج التنموية لرئيس الجمهورية من جهة ثانية، وتشهد هي نفسها صراعا محموما بين قطبيها: المعارض والموالي للنظام، في جدل إعلامي وصل صداه منابر منظمات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية.
ووجد البعض في إقالة وزير الإعلام محمد عبد الله ولد البخاري تعزيزا لما تعهد به رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء الماضي من تغيير مزمع في السياسة الإعلامية للحكومة، وللنظام، إذ كان من الهام في نظر المراقبين تأكيد المقاربة الجديدة بوجه جديد على رأس القطاع، وبعد تعيين مستشار إعلامي جديد في القصر الرمادي، فجاء المقاس على رجل القانون والسياسة حمدي ولد المحجوب، المحامي المخضرم، وعمدة مدينة انواذيبو السابق.
ومع أن نقيب المحامين السابق ولد المحجوب قد درس باللغة الفرنسية، وهو أقدر في التعبير بها، دون أن تخونه قدراته باللغة العربية أيضا، تنضاف إلى ذلك خبراته السياسية والقانونية الطويلة التي تؤهله للإمساك بملف تحرير السمعيات البصرية الموصوف بالحساس، والذي من المقرر فتح بابه على مصراعيه في اجل قريب.
ولا يمكن فصل التغييرين السابقين (في العدل والإعلام) عن سياق الرغبة الرسمية في تفعيل توصيات الأغلبية في تشاورها الأخير، إن لم يكن التغيير جملة وتفصيلا، حلقة من مسلسل قرارات ذات صلة بتلك التوصيات، خاصة أن رئيس الجمهورية قد تعهد بحملها على محمل الإلزام للحكومة.
تربع وزير النفط أحمد ولد مولاي احمد على مقعد المالية، ومغادرة رجل الثقة كان عثمان تشكيلة الحكومة قد يجد تفسيره – هو الأخر- في دخول وزيرين جديدين من الضفة، هما: وزير النفط والطاقة وان ابراهيما، وكاتب الدولة المكلف بالبيئة با حسينو، كما يذهب البعض إلى ربطه بعدم الفاعلية “الدبلوماسية” لقطاع المالية ضمن مساعي الحكومة الموريتانية لأكبر استفادة من مؤتمر دولي للمانحين ينقد الشهر الجاري بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وينشط السفير ولد إبراهيم اخليل للتنسيق مع مفوضية الاتحاد الأوربي لإنجاحه منذ تعينه لدى المجموعة الأوروبية.
وقد يفهم أكثر دخول وزير النفط الجديد وان ابراهيما، أحد الإطارات الزنجية المستعربة، مع توجه الحكومة الجديد تحويل الإدارة إلى “معربة”، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا مازال صداه يتردد في البلاد.
اهتمامات النظام بالشأن الإفريقي واستعادة موريتانيا لدورها في المنظمات الإفريقية، والعلاقات الإفريقية المعقدة، وآخرها الأزمة مع مالي، فرضت مقعدا وزاريا جديدا حظيت به “سيدة اتفاق دكار” كومبه با قادمة من قطاع أثار تعليقه لآلاف العمال زوبعة إعلامية، أعقبتها مواجهات مع النقابات العمالية، لم يكن بوسع السيدة ثنيها عن إعلان إضراب شل القطاع العام ثلاثة أيام، وذالك في منتصف فبراير الماضي، وهو إرث ثقيل يتعين على أماتي بنت حمادي التكيف معه، أو التعامل معه بسياسة جديدة، لكن ما يقال عن علاقات قوية تربط الوزيرة كومبه با بدول إفريقية قد يؤهلها للعب دور أكبر في وزارة لم تتضح بعد الكثير من المهام التي ستوكل إليها.