قال جايسون سمول نائب مدير مكتب شؤون غرب أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية إن الرسالة التي أرسلتها بلاده إلى موريتانيا لإعادة استئناف العلاقات بها بعد انقلاب 6 أغسطس “كانت ضرورة العودة إلى احترام المؤسسات الدستورية” قائلا:”نحن مسرورون لأنهم استجابوا، ولو بعد فترة” وأضاف: “نحن ننظر الآن إلى طرق التعاون مع موريتانيا، وهناك حوار دائم معها”.
وأضاف سمول في حوارين مع كل من صحيفة “الشرق الأوسط” و “الحياة” اللندنيتين أمس ان الولايات المتحدثت بدأت تطبيق برامج منذ عام 2005، للعمل مع الحكومات لإدخال مفهوم الحكم الرشيد، وبناء المؤسسات الدستورية.
وقال المسؤول الأمريكي إن منطقة الساحل والصحراء في أفريقيا تشكل مصدر قلق حقيقي ومتزايد للولايات المتحدة التي تحاول السيطرة على تمدد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ ما بعد أحداث 11 سبتمبر. وما زالت واشنطن تعتقد أن المنطقة تحوي “تهديدا إرهابيا حقيقيا”.
وتحدث جايسون سمول عن “الجهود الكبيرة” الذي تبذلها الولايات المتحدة منذ عام 2002 عبر “مبادرة الصحراء” أولا التي كانت تهدف إلى تدريب القوات الخاصة الحكومية في المنطقة لكي تتمكن من مواجهة الإرهاب، ثم عبر مبادرة أوسع هي “مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء” بدأ تطبيقها في العام 2005، وهي أكثر تنوعا وشملت بلدانا إضافية. وضمت المبادرة الأولى التي انتهت عام 2004 أربعة بلدان: موريتانيا وتشاد ومالي والنيجر. وفي المبادرة الثانية أضيفت إليها الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا والمغرب وتونس ونيجيريا والسنغال.
وأشار إلى أن الكونغرس وافق في عام 2005 على ميزانية بلغت 500 مليون دولار أميركي للبرنامج يُصرف على مدى 6 سنوات، بهدف دعم البلدان المشاركة في محاربة الإرهاب للحد من خطر تنظيم القاعدة ومنعه من التمدد إلى وسط أفريقيا.
وفي أن آخر أشار سمول إلى أن في المنطقة برامج إنماء أخرى تقوم بها فرنسا والاتحاد الأوروبي وغيرهما. ومن بين المساعدات والاستثمارات الأجنبية في المنطقة، استثمارات إيرانية، ليس آخرها افتتاح مصنع للسيارات في السنغال في الشهر الماضي أشرف عليها شخصيا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي قام بعدة جولات في المنطقة في الفترة الأخيرة في طريقه إلى كوبا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم البلدان الأفريقية في مجلس الأمن، تعارض إضافة عقوبات جديدة على النظام الإسلامي في طهران.
ولكن سمول قال إنه لا يمتلك معلومات حول اهتمام إيراني محدد في منطقة الساحل، وقال: “ليس لدي معلومات عن اهتمام كبير من قِبل الإيرانيين، في النيجر كان هناك اهتمام في مرحلة معينة”. وأضاف: “نحن واثقون من علاقتنا بهذه البلدان، لدينا علاقات جيدة معهم وهم يفهمون مصالحنا وتأثير الأسلحة النووية على كل العالم، وسيتأكدون – قبل اتخاذهم أي قرارات – ما العواقب”، وأكد أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب الاستثمارات الأجنبية التي تقوم بها كل الدول الأجنبية هناك، والتواصل الذي لديهم هناك.
ومن بين دول الساحل، تُعتبر منطقة شمالي مالي، المنطقة الأكثر “انفلاتا” بسبب شساعة مساحتها. وقال سمول عن ذلك: “من الواضح أنها منطقة تشعر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بارتياح أكبر في التحرك فيها. ما يقلقنا ليس البلد، ولكن حجم البلد وعدم القدرة على السيطرة على كل المساحة… شمالي مالي منطقة غير خاضعة للقانون في معظمها، وهي شاسعة، أوسع من تكساس، إحدى أكبر الولايات الأميركية”، وأردف قائلا إأن ما يبعث على الأمل، هو أن هذه الجماعات المتطرفة “غير مرحَّب بها في أي مكان” في المنطقة.
وقال نائب مدير مكتب شؤون غرب أفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية : “بالطبع هناك قلق من أن أي منطقة غير خاضعة للمراقبة يمكن أن تتحول إلى منطقة آمنة للإرهابيين، ولذلك نبذل جهودا هناك لمواجهة التهديد الحالي، ولكنها أيضا لتهيئة المنطقة لجعلها غير مرحّبة بالجماعات الإرهابية”.