ثقافة تقزيم الآخرين ومحاولة النيل منهم بمجرد الاختلاف في الرؤى و الإيديولوجيات مسالة ينبغي التأنف عنها بصفتها سمة غير متحضرة لا تنم إلا عن حقد أو غيرة أو محاولة ملئ فراغ أو تلبيس قصد لفت الانتباه عن قضية معينة (صفقة أو مبايعة)
إذ ليس من الصواب ولا من الإنصاف التهجم علي شخص وزير التعليم العالي فيما يتعلق بمسالة التعريب .
الوزير أكد مرارا أن اللغة الرسمية للبلد هي العربية بلا منازع وان اللهجات المحلية مصدر تنويع و إثراء ثقافي للبلد
لم يمجد اللغة الفرنسية علي حساب العربية بل كان واقعيا, إذ رأى أن الاعتراف و الارتقاء باللغة العربية لا يعني البتة تهميش اللغات الأجنبية وإعلان الحرب عليها أو القطيعة معها ونكران الجميل لها فيما يتعلق بدورها في العلم والمعرفة .
الاحتفال بيوم اللغة العربية الذي نظمته اليونسكو اعتبره البعض من المزايدين بداية إعلان مشروع التعريب مبادرين إلي إشاعة الفتنة والعبث بمقدسات الوحدة الوطنية .
نقس الشيء بالنسبة للاحتفال بيوم لفرانكفونية الذي شكل هو الآخر توبة من المشروع الأول (مشروع التعريب).
فجأة زج بوزير التعليم العالي الذي اعتبر تائبا من التعريب ومرتدا عنه في نفس الوقت ,يومها بدأت الحملات المضللة و التلفيقات والمزايدات على كل كلمة لمعاليه
صنف الوزير وكأنه سلبنا هويتنا العربية وأعلننا محمية فرنسية و الآخرون – المتحاملون- وكأنهم سيبويه وقس بن ساعده وحافظ إبراهيم ملبين النداء “واعر بيتاه“
كان حريا بهؤلاء المحامين عن لغتنا العربية أن يكونوا واقعيين ووطنيين فيما يتعلق بالهوية الثقافية للبلد بدلا من التركيز على الاتهامات ونسج المزايدات لأغراض سياسية بحتة إن قضية التعريب مطمح ومطلب الجميع ولن يكون معالي الوزير حجر عثرة في وجه أي خطوة من هذا القبيل , لكن معاليه يعي مدى خطورة الخطوات العنترية و الارتجالية في مثل هذه القضايا و في مثل هذه الفترة بالذات من عمر دولة ظلت إلى حد قريب ذا إدارة مفرنسة وذات فئات اجتماعية متباينة الثقافات , لا يمكن تهميش إحداها وحرمانها – من حقوقها الوطنية بما فيها حق التعليم- فجأة ومن دون سابقة علم أو إنذار
المشاركة بأفكار ملموسة وفي منتديات تشاورية حول هذه الإشكالية (التعريب أو الفرنسة) أمر جدير بالاحترام و التقدير ومطالب به – بدلا من تضييع الوقت في التلفيقات المفبركة والمنسوجة من خيال عدم الواقعية والمصداقية – لتحديد المناهج والوسائل والآليات اللازمة لتعليم متزن ومزدهر وعادل لكل الموريتانيين ,وعلى الجميع الرضاء والقبول به بوصفه ثمرة تشاور وطني
وفي الأخير فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو :
هل المطالبون بالعربية يريدونها عربية فصحى أم عربية اشتراكية عظمى ؟
الأستاذ: محمد سالم ولد محمد باب
ملاحظة : الحق ما شهدت به الأعداء ,فأنا لست من حزب الدولة ولست قريبا للوزير ولا حتى من ولايته , وكنت من الأساتذة المضربين ,