من المؤسف حقا انه في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بالبيئة والارض تطالعنا أخبار معاناة سكان قرية لتفتار الناجمة عن السموم التي خلفتها تلك الشركة اللعينة منذ عشرات السنين…
ما زلت أتذكر كيف كنا نلعب ونلهو ونحن اطفال في نهاية سبعينات القرن الماضي بتلك البراميل التي تدفنها تلك الشركة في باطن الرمال الناعمة ,واتذكر كيف كان الأهالي يحذروننا من الاقتراب من ذلك السياج المليئ بالبراميل التي تزكم رائحتها الأنوف..لكن كل ذلك لم يكن إلا ليزيدنا فضولا وشقاء ومحاولة للاقتراب منه اكثر…غير انني لم اتوقع يوما أن أفاجاء يحجم الكارثة وبأن ما تحويه تلك البراميل لم يكن سوى سم الدلدرين القاتل والمحظور دوليا..
صحيح انني غادرت تلك القرية وأنا حدث لمواصلة التعليم…صحيح ايضا أن زياراتي لها صارت قليلة ومتقطعة بسبب الدراسة والتزامات العمل خارج البلاد لاحقا…إلا أنني كنت كلما زرتها اخبرني الأهالي بان فلانا فقد بصره وبأن فلانة اصيبت بمرض الغدرة الدرقية أو بالسرطان…دون أن يثير ذلك لدي كثيرا من المخاوف…
الآن وقد انكشف حجم الماساة وحجم الخبث الدفين الذي كانت تكنه تلك الشركة الدولية و تواطؤ السلطات يومها و حجم الخطر الذي يتهدد السكان, آن أوان النجدة و إنقاذ ما يمكن إنقاذه…وآن الاوان ليتحمل حاكم مقاطعة المجرية مسؤولياته او ليذهب إلى الجحيم..آن الأوان ليوجه نداء استغاثة عاجلا إلى السلطات لحماية سكان القرية من الموت البطيئ بدل الدخول في مهاترات مع سكان هذه القرية حول نزاعات القطع الأرضية و الإصطفاف مع هذه الجماعة او تلك..
آن الأوان للسلطات ان تكفر عن سيئاتها التي ارتكبتها في حق هذه القرية الآمنة , وتتدخل فورا لحماية السكان من خطر السموم التي وصلت مستوى بات يهدد حياتهم… بل و حياة اجيالهم القادمة و ذلك بسبب سلالة السموم الخبيثة التي لوثت هواء القرية ومياهها الجوفية حسب نتائج التحاليل المخبرية…
وهنا اوجه نداء ملحا إلى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للتدخل من اجل حماية قرية أثبتت الاختبارات بما لا يدع مجالا للشك بانها مهددة بشكل دراماتيكي إذا لم يتم إبعاد سكانها عن المواقع الملوثة او معالجة الموقع نفسه…كما اهيب بالصحافة المحلية والدولية أن تلعب دورها في فضح مؤامرة تلك الشركة اللعينة و من كان يتواطؤ معها , وأدعو منتخبي القرية إلى مقاضاة/ أوكلالاف/ أمام محاكم وطنية أو دولية إن كان لها شخصية اعتبارية او ممثلين,,
وقد عرفت قرية لتفتار في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي بقانونها الشهير وبعزلتها الخانقة التي حكمت عليها بالبقاء في الجزء غير النافع من البلاد بسبب فشل سياسات الدولة في مجال فك العزلة…لكنها الآن أصبحت تتشتهر للاسف بأنها ضحية اكبر عملية للتلوث البيئي في تاريخ البلاد..
والحقيقة أن هذه القرية لا تستحق هذا المصير القاتم..فأهلها طيبون يتعلمون العلم والقرآن الكريم و يعلمونه في محاظرهم الشهيرة..وقد انجبوا العديد من رجالات العلم رغم جور الطبيعة , ويكفي القرية فخرا أنها انجبت العلامة محمد محمود ولد اتلاميد…فهل يجوز ان يترك أحفاده يموتون بسبب سموم شركات أجنبية لا تراعي إلا ولا ذمة في البلاد ولا في العباد وصمت مطبق تمارسه سلطات محلية آخرما تفكر فيه هو هموم المواطن البسيط,…