بقلم : د.محمد المصطفي ولد إبراهيم الملقب( صدافه)
[email protected] ,tel:4181818:Email
فخامة السيد رئيس الجمهورية ……تحية تقدير واعتزاز
في ظل هذه الحقبة من تاريخ دولتنا ونظم الحكم فيها لا نخفيكم سيادة الرئيس تقديرنا للدور الرائد الذي تبذلونه في تغيير نظم وبناء وبلورة مفاهيم المواطنة والغيرة والضمير اتجاه هذا البلد العزبز وهذا الشعب المسكين الذي عانا ما عاناه في الماضي من كل السلوكيات والفساد الذي استشري وجاء على الأخضر واليابس, نود أن نبلغكم قناعتنا بصدق مسعاكم الحميد ونشد علي أيديكم من قرية لتفتار التاريخية والصامدة رغم معاناتها متمنين ألا بثنيكم من كان !!عن برنامجكم الطموح والذي برهنتم ومن أول وهلة مضيكم فيه وليس أدل علي ذلك من ورشات المشاريع و البني التحتية التي أطلقتموها متمنين لكم التوفيق والسداد.
فخامة الرئيس …. قطعا لم يفتكم موضوع قريتنا وتلك السموم القذرة التي كانت رأس البلاء علينا والأمراض ولم نتعرف علي ذلك لبساطتنا وحسن نوايانا و مبلغ علمنا فيها أنها فقط مواد لقتل الجراد, وليست نفايات ومواد سامة من قبيل( الديلدرين) من تلك المواد الكيميائية الفتاكة والعيار الثقيل الدولي الذي لا يمكن التخلص منه إلا بقدرات مالية وتقنية دولية كبيرة تفوق قدرات فنيي بلدنا ومصادرنا .
فخامة الرئيس…. لن نطيل عليكم إلا لما فيه الضرورة للتوضيح بالرجوع إلي ماض قد لا ينفعنا كثيرا عن هذه المواد وتاريخ وطرق دفنها وحفظها وعفا الله وسامح كل من كان سببا فيه ولا لن نضيع الوقت في مسؤولية من ؟! لكن لا بد أن نعرج بكم في ثلاث محاور وتصورات نراها ضرورية و مهمة قد تخدم الجميع وتساهم مع كل أصحاب النوايا الطيبة ممن تربطهم ادني مسؤولية بهذا الملف سواء كان من أبناء تلك القرية وكذلك من أولئك الذين يتولون المسؤولية العامة في الدولة ليكونا أكثر واقعية أو حتى من المنتخبين الذين كثيرا ما طأطئوا الرؤوس وقت الحاجة إلي من ينتخبهم في تلك المواسم إن فعلا كانوا جادين بطرح ما يؤرق قواعدهم وجديرين بتلك التزكيات!!! … سيدي الرئيس نحن مطمئنين وانتم علي رأس الهرم ولما لمسناه فيكم من حزم في المسؤولية أنكم قمتم بالتحريات الفنية والحقوقية دون ترك الحبل علي الغارب لسبق إعلامي لمواقع أو صحف و حكومة تدفع عن نفسها وتتمني ربح الورقة وبين ذلك وذلك قناعتنا أنكم ستنصفون المتضررين ولن تتركوا المواطن المسكين هو الضحية لأنكم ترفعون ذلك الشعار وتكسبون الشعب والرأي العام من حين لآخر بما يلمسونه منكم يوميا بالمحسوس .
سيدي الرئيس… متمنين أن نوفق في الاعتدال في الطرح لموضوعنا هذا , نتمنى من سيادتكم كذلك أخذ موضوعنا هذا بكامل السرعة والحسم لما يؤرق الآباء و الأمهات في هذه القرية لما ينتظر مستقبلنا وأبنائنا في صحتنا وليس أغلي من الصحة عند الإنسان وبعد أربعين سنة من التعرض لهذه المواد وتلك التضحيات التي قد تركت في قلوبنا الأثر العميق .
أولا :- واقع تلك القرية ومستقبلها
تقبع قرية لتفتار في مدخل ولاية تكانت وعلي مقربة الخط الفاصل مع ولاية لبراكنة حيث تسكنها اسر طيبة الخليقة والمنشئ والتكافل الاجتماعي الذي يرسم احلي ما يتفاخر به المواطن الموريتاني البسيط حيث ماكان , تربينا مع جيل من الأوفياء حيث ترعرع الجميع ولعب حيث كان والدنا وأبونا الحنون نوح ولد أعمر ولد حبيب رحمه الله تعالي ذلك الوالد الودود الذي فقدناه منذوا عام وهو يعاني فقدان البصر والوهن الشديد الذي جاء دون سابق إنذار وهو الرجل القوي الأمين الذي كان المسؤول التقني والفني للمحافظة على هذه المواد , حيث كان دائما يمنعنا من اللعب حولها ولكن الفضول والصغر كثيرا ما منعنا من الانصياع و لم نتوقع أن الأمر كان بهذه الخطورة فرحم الله والدنا وهو الذي قضى جل عمره كاملا مرابطا على منع هذا الخطر وقد خلفته أمنا و أبناء وبنات بررة لا زالوا يرابطون دونما أخذ أي حقوق عن هذا الجهد النبيل والوطني .
لا تقل قرية لتفتار عن غيرها من حسن التمثيل لهذا البلد فقد شاركت بكثير أبناء محظريين ومربين من الطراز الشنقيطي الأول ملأ إشعاعه المعمورة علما وأدبا وأطر مكونين من وزراء و إعلاميين متميزين وأطباء و أساتذة جامعيين … فهل تستحق يا فخامة الرئيس بكل هذا سوى التكريم وكامل الاهتمام وأنتم من تنمون القدرات في هذا البلد ؟!!!
هذا من واقعها المرتبط فقط بموضوعنا أما عن مستقبلها فالحمد لله لهذه القرية مكون شعبي قنوع وقادر كهذا الشعب علي تجاوز المعوقات لكن يعتمد في حياته اليومية على ماء وبئة وهما مصدري الحياة ونظرا لنتائج العينات المفحوصة التي أجراها مخبر “CRA-W” البلجيكي على عينة قدرها 100 مللتر من الماء من بئر قريب من موقع النفايات، فقد وصلت نسبة تلوث المياه بالآلدرين إلى 0.074 ميكروغرام/كغ، فيما بلغ التلوث بالديلدرين في ذات العينة 0.04 ميكروغرام/كلغ أما نسبة التلوث على مستوى التربة كانت الأكثر إثارة للقلق حيث أظهرت غالبية العينات وجود تركيز للدليدرين أعلى من 2 مغ في كل كيلوغرام من التربة، إذ وصل معدل تركيزه في 17 عينة من أصل عشرين تم اختيارها من مناطق مختلفة من القرية إلى 4.25 مغ/ كغ، وهي نسبة “مرتفعة جدا” حسب المخبر، وهي كافية لتحدث أضرارا جسيمة على السكان وتقول دراسة أجراها فريق هولندي بالتعاون مع الحكومة الموريتانية عام 2002 إن المخزون من المبيدات أدي إلي تلوث مرتفع في البلدة وقد اقترح الفريق نقل التربة الملوثة إلي مختبرات متخصصة في أوروبا لمعالجتها وكانت تكاليف هذه العملية في حدود مليوني يورو وقد أجري المركز الوطني لمكافحة الجراد اتصالات مع المنظمة الدولية للأغذية والزراعة “الفاوو” للبحث عن حل آخر يحمي السكان وفي هذا الاطار دعت “الفاوو” فريقا من جامعة Wageningen الهولندية من أجل اقتراح حلول ممكنة التنفيذ. وفي أغسطس من العام 2007 وصل فريق من الجامعة إلي لتفتار وتم أخذ 20 عينة من التربة وعينة من ماء بئر القرية الواقع علي بعد ثلاثمائة متر من الموقع ، وتم الاتفاق مع مختبر بلجيكي علي تحليل العينات و أثبت التحليل وجود تلوث كبير بمادتي Aldrin و Dieldrine وهما من بين ألاثنتي عشرة المادة السامة الأخطر، الخاضعة لمعاهدة ستوكهولم ، المتعلقة بالملوثات العضوية بطيئة التحلل في البيئة ، وتضع لهما منظمة الصحة العالمية تصنيف ” خطر جدا” . وتتصف هذه المواد بالثبات وعدم القابلية للتحلل الحيوي ، ولها القدرة علي الانتقال لمسافات طويلة من مصدرها نتيجة قابلية التطاير مع الريح ونتيجة لسميتها العالية وقدرتها علي الاستقرار والثبات في البيئة فإنها تلوث عناصر البيئة الأساسية من هواء ومياه وتربة ورواسب. وقال خبراء إنه ثبت وجود علاقة بين الملوثات العضوية وتدهور صحة الإنسان والحيوان كما أن الإضرار الناجمة عن التعرض لها لا تظهر في الأغلب مباشرة عند المتعرضين لها، وإنها قد تظهر في الجيل القادم ويقول الخبراء إنها تؤثر في جهاز المناعة ، وعلي الأجهزة العصبية، و علي درجة ذكاء الإنسان، و تعطل الغدد الصماء ، وتؤثر علي الأجنة ،و تؤدي إلي انخفاض في أعداد الحيوانات المنوية عند الرجال. ولها تأثيرها السلبي القوي علي البصر والجهاز الهضمي وهكذا بات لا بد سيادة الرئيس من رفع درجة الخطر بالإيعاز إليكم بكل هذه المعلومات .
ثانيا :- وقت العاصفة الحكومة والإعلام
سيادة الرئيس…حين كان الخبر مفاجئا لنا وصادما تفرجنا علي الجدل الذي قام بين مواقع وصحف تأخذ السبق الإعلامي بوثائق رسمية وأخري مخبريه دولية وإدارة البيئة ممثلة للحكومة تنكر وتعترف أخيرا كل له مبرراته وطرقه لكنا فقط سيادة الرئيس سنكتفي للتأكيد بتصريحات المنتخبين ووجهائنا المحليين والساكنة عموما فقط للاستشهاد وهو ما عرضته تلفزتنا الوطنية بشكل مباشر:
شيخ مقاطعة المجرية : السيد محمد الأمين ولد بيبه قال مثلا:أن موقع تخزين المواد الكيماوية المسمة في لتفتار يعود إنشاؤه إلى أربعين سنة، مؤكدا أن المعلومات المتوفرة استنادا إلى نتائج دراسات أجرتها جامعات هولندية وبلجيكية، تنذر بآثار سلبية على الصحة العامة للسكان ودعا السلطات العمومية للتعامل مع الموضوع و بكل نزاهة وحركية لرفع اللبس عن القضية وطالب شيخ المجرية بتكفل الدولة بالمتضررين من هذه المواد وبنقل تربة الموقع الملوثة وحرقها. وعن التزامات الدولة أوضح سيد احمد ولد محمد، رئيس مصلحة البحث والبيئة بالمركز الوطني لمكافحة الجراد بموريتانيا أن موقع دفن النفايات ب”لتفتار” وسط البلاد مصنف من طرف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) كأحد المواقع القديمة لتخزين المبيدات عالية السمية. |
وقال أيضا بأن هنالك جهود مبذولة لتأمينه من خلال إقامة سياج مدعم بأعمدة الأسمنت والحديد ويحمل لافتات تظهر طبيعة الموقع وتحظر الدخول إليه. .
وذكر المسؤول بالآليات الفنية المتخذة داخل الموقع بما فيها غرس أصناف من الأشجار المحلية لامتصاص المواد السامة من التربة، كما أثبتت ذلك الدراسات العلمية التي أجريت في بعض الدول المشابهة، مستعرضا عمليات التثبيت البيولوجي للحد من انتقال الأتربة الملوثة بفعل الرياح وتغطية البقع الملوثة بمادة البلاستيك لصد أشعة الشمس والأكسيجين من أجل تسريع وتيرة تحلل المواد الكيماوية الموجودة تحت تربة الموقع .
ثالثا:- نحن هناك و ننتظر
سيادة الرئيس… في انتظار التزامات حكومة معالي الدكتور مولاي ولد محمد لقظف المطبقة لبرنامجكم مشكورة ونتمنى أن تكون بكل جدية الآن وليس غدا قائمة علي السهر إن شاء الله لرفع هذا الخطر عن قريتنا متمنين إشراك منتخبي وأعيان القرية علي ما يجري و نتيجة لكل الشرح الآنف والمطالب الواضحة من المنتخبين وكذلك من ابناء قريتنا والخطر البالغ الذي نرجوا أن يكون محمود العقبى فإننا كلنا أمل أن تتجه قضيتنا للمكاشفة والإيضاح التام بعيدا عن المزايدة والإسراع في رد الطمأنينة إلي هذه القرية الآمنة مع تحفظنا علي الجهود المبذولة لحد الآن وتباطئها وعدم الإمعان للمتضررين لإبعاد هذا الشبح الذي يهددنا وبالتعويض لتلك العائلة الموقرة كل الحقوق إكراما لذلك الشيخ الذي قضى مرابطا لحماية العباد من خطر هذه المواد رحمه الله وكل المتضررين وأخيرا لا نملك إلا أ ن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل .