الإخوة والأخوات الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في غمرة من الفرحة والسرور تحتفل الجمهورية اليمنية الفتية اليوم بالعيد العشرين لقيام الوحدة اليمنية المباركة يوم الثاني والعشرين من مايو الخالد في تاريخ اليمن المعاصر اليوم الوطني الذي تحتفل به البلاد رسميا وتخلد ذكراه لما يحمله من انجازات عظيمة.
الإخوة والأخوات :
في يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م أعلن اليمنيون رسميا قيام الجمهورية اليمنية كدولة فاعلة في الأسرة الدولية وكانت لهذا الحدث في حينه أصداء واسعة وردود فعل ايجابية في المحيط العربي والإقليمي والدولي.
وقد اعتمد اليمن الموحد منذ البداية سياسة متوازنة على الصعيد الخارجي تقوم على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشأن الداخلي للغير واحترام سيادة الدول واحترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلم العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم وحل الخلافات بالطرق السلمية هذه السياسات التي قادها فخامة الرئيس علي عبد الله صالح بحنكة وتصميم واقتدار أضحت مبادئ ثابتة مكنت اليمن من احترام وثقة المجتمع الدولي وعززت من تمسكه بزمام المبادرة والمساهمة الفاعلة في كثير من القضايا السياسية ذات الصلة بالشأن العربي والإقليمي والدولي،وتكريسا لهذا التوجه تم ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان الشقيقتين وتم حل الخلاف حول جزر حنيش مع دولة ارتيريا .
واعتمدت حكومة دولة الوحدة منذ البداية على الصعيد الداخلي قيم الديمقراطية والحريات والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات وانطلقت في تنفيذ سياسة تنموية شاملة مبنية على برامج عملية وخطط مدروسة مهدت لبناء نهضة يمنية شاملة شاولة ومستدامة على كافة الأصعدة.
الإخوة والأخوات :
ـ لقد مكنت الوحدة الشعب اليمني من تجاوز إخفاقات ثورتي سبتمبر وأكتوبر والصراعات بين اليمنيين فقد كانت اليمن قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م بلدا مجزءا يعيش نزاعات بين نظامين شموليين متباينين في الرؤى السياسية والعقائدية وتصادم المصالح آنذاك في خضم الحرب الباردة والاستقطاب العالمي والانتماء إلى احد قطبي النظام الدولي , فجاءت الوحدة لتوجه السياسة الخارجية بما يخدم ويعزز مصالح اليمن . وبعيدا عن التبعية أو الاستقطاب الإيديولوجي, استطاع اليمن شق طريق استقلال الموقف والقرار واختيار تحقيق مصالحه الوطنية والقومية
ـ إن الجمهورية اليمنية في مسيرتها المليئة بالانجاز والبناء والتنمية والإصلاحات في مختلف مناحي الحياة بعد قيام الوحدة المباركة تدرك أنها ما زالت تواجه تحديات كثيرة نتيجة شحة الموارد المالية والنمو السكاني الكبير وندرة المياه , إضافة إلى البطالة المرتفعة بين الشباب . هذه التحديات التي تقود إلى التطرف وتستغل من قبل عناصر الإرهاب التي تسعى دائما إلى زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة أصبحت اليوم حجر الزاوية في التعاون بين الجمهورية اليمنية مع الأشقاء والأصدقاء لوضع السياسات لمواجهتها . وتقديم الدعم من خلال مجموعة أصدقاء اليمن لبناء الاقتصاد اليمني والحد من الفقر والبطالة وبناء البني التحتية والسير في طريق الإصلاحات ومواجهة التطرف والإرهاب وستمضي اليمن في هذه الشراكة بكل التزام وجدية وبما يمكن اليمن من تجاوز هذه التحديات مع التمسك بعدم القبول بالمساس بوحدته وسيادته وأمنه. الإخوة والأخوات الأعزاء :
إذا ما تسنى الحديث عن السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية فيمكن القول بان فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح قد أولاها اهتماما كبيرا يتناسب مع مكانة اليمن الموحد ودوره الإقليمي والدولي من خلال بلورة سياسية خارجية موضوعية ومتوازنة وأداء دبلوماسي متميز يحظى بالاحترام لدى الجميع أشقاء وأصدقاء .. مع تطوير آلية العمل الدبلوماسي والمساهمة الفاعلة والايجابية نحو مختلف القضايا القومية والإسلامية والدولية . كما شمل اهتمام فخامته الاهتمام بالكادر الدبلوماسي وتأهيله ورفع مستوى أداءه الأمر الذي انعكس في انجازات الدبلوماسية اليمنية .
الإخوة والأخوات :
لقد ظلت القضية الفلسطينية في مقدمة اهتمامات الجمهورية اليمنية ولذلك جاء الدعم غير المحدود لقضايا الشعب الفلسطيني العادلة ونضاله المشروع لتحرير أرضه وقيام دولته .لذلك بذلت اليمن كل الجهود لتحقيق السلام كما بذلت جهودها لراب الصدع بين الأشقاء الفلسطينيين فتح وحماس باعتباره ركيزة للنضال ضد العدو الصهيوني وسيستمر وقوف اليمن المبدئي إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني حتى تتحقق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وفي إطار المنظومة العربية حرص اليمن دوما على تعزيز العمل العربي المشترك والتعاون مع الجميع بما يفعل أواصر الإخاء ويخدم مصالح الأمة ويحقق الأهداف المنشودة لذلك جاءت مبادرة اليمن لضمان عقد القمم العربية بانتظام كما هو معمول به اليوم .
وجاءت أيضا المبادرة اليمنية لتفعيل العمل العربي المشترك التي اعتمدتها قمة سرت وشكلت لجنة خماسية لدراسة سبل تنفيذها.
وكما هو معروف فان المبادرة اليمنية تدعو إلى إعادة هيكلة نظام الجامعة العربية نحو إقامة الاتحاد العربي كنظام عربي يتلاءم ومعطيات العصر ومواجهة تحدياته .
كما وضعت اليمن علاقاتها مع مجلس التعاون الخليجي في صدارة علاقاتها الخارجية و حرصت أيضا على التعاون مع محيطها الإقليمي بما يخدم المصالح المشتركة نحو تعزيز التعاون الإقليمي وامن واستقرار المنطقة .
وبادر اليمن ومعه السودان وأثيوبيا إلى إقامة تجمع صنعاء كأساس لمشروع التكامل لمنظومة إقليمية لدول منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر .
وبحكم موقع اليمن على مدخل البحر الأحمر و باب المندب وقربه من منطقة القرن الإفريقي والعلاقة التاريخية بين اليمن ودول القرن الإفريقي فقد أولت الجمهورية اليمنية اهتماما كبيرا بالأوضاع في الصومال وبادرت بالدعوة إلى تحقيق المصالحة بين الفصائل الصومالية المتصارعة .
بالإضافة إلى بذل جهود لحل الخلاف الإثيوبي الاريتري مع ايلاء القرصنة
ومكافحتها اهتماما خاصا لحماية خطوط الملاحة الدولية
وعلى صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف الديني حرصت الحكومة اليمنية منذ البداية على رفض العنف ومواجهة الإرهاب وتعمل على معالجة الاضطرابات وإخماد الفتن بالحكمة والحرص على أرواح المواطنين وحماية أمنهم وقد أعلنت أخيرا احتواء ومعالجة الوضع وإنهاء التمرد والحرب في بعض مديريات محافظة صعدة بعد أن أعلن المتمردون قبول الشروط الستة كأساس ثابت لوقف الحرب والعودة إلى السلام بما يمكن الدولة من إعادة الأعمار للمنطقة والشروع بتنفيذ البرنامج التنموي الشامل لها اسوة بمناطق اليمن المختلفة وبدأت بالفعل أعمال إعادة الأعمار وسيستمر بوتيرة عالية اذا ما التزم الحوثيون بتنفيذ النقاط الست كما اتخذ قرار إنشاء جامعة صعدة تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية ومبادرته في إقامة هذا الصرح العظيم ليكون مصدرا للتنوير وبناء الإنسان اليمني الجديد. وفي إطار مكافحة الإرهاب تعمل اليمن على مكافحة التطرف وتجفيف منابع الإرهاب والقضاء عليه بصفة نهائية.
وبرغم ما تروج له بعض وسائل الإعلام وقوى المعارضة غير المسئولة عن الأوضاع في الجمهورية اليمنية فان الشعب اليمني في شماله وجنوبه سيلتف بكل حزم وصرامة حول قيادته الوطنية وزعامته الرشيدة مدافعا عن سيادة الوطن ووحدته المباركة التي وجدت لتبقى راسخة إلى الأبد باعتبار الوحدة انجازا وطنيا وقوميا ومكتسبا لايمكن التفريط فيه ويكفي اليمنيين فخرا تحقيقهم هذا الانجاز التاريخي في عهد التمزق والضعف العربي .
ويثمن اليمنيون المواقف العربية والدولية المعلنة التي تتمسك بأهمية الوحدة اليمنية والاستقرار في اليمن كعاملين هامين لاستقرار المنطقة والعالم الأمر الذي يعمق لدى أبناء الشعب اليمني الإيمان بمسئوليتهم نحو الوحدة وحمايتها والتصدي لدعاة الانفصال وإلحاق الهزيمة بهم.
فالوحدة مكسب ثمين لن يفرط فيه اليمنيون وسيعملون على ترسيخه بانجازات وطنية تنفع عموم اليمن وتمكث في أرضه العطاء.
الإخوة والأخوات :
انه لمن حسن الطالع أن نحتفل بهذه المناسبة هذا اليوم في هذا القطر الشقيق الذي تتجسد فيه روح التآخي والتضامن والمحبة انعكس على ما تشهد العلاقات الثنائية من تنامي في شتى المجالات بفضل الإرادة المشتركة وبفضل السياسة الحكيمة لقيادتي البلدين .
إن نمو وتطور العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين تجسد في انعقاد الدورة الثانية للجنة المشتركة في صنعاء و في حركة الوفود الزائرة إلى صنعاء ونواكشوط للمشاركة في مختلف الفعاليات التي عقدت في العاصمتين وفي التنسيق والتشاور بين القيادتين السياسيتين في مختلف المحافل العربية والدولية
الإخوة والأخوات :
في الأخير لا يسعني إلا أن أتوجه إلى القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وللشعب الموريتاني الشقيق بكل أطيافه بخالص التهاني على نجاح المسلسل الديمقراطي بكل محطاته وعلى ما يتحقق من انجازات ملموسة على كافة الأصعدة .
وقبل أن اختم كلمتي هذه أدعو الله أن يعيد هذه المناسبة وقد تحقق لبلدينا المزيد من التقدم في شتى المجالات وان تتعاظم خطوات التعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين وان يمكن امتنا العربية والإسلامية من تحقيق ما تصبو إليه من أهداف سامية ونبيلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته