عبد الله ولد حرمة الله
إن ثقة شركاء موريتانيا، التي أكدوا اليوم بعد ما منحوها في الثامن عشر من يوليو 2009 تعتبر انتصارا لأسلوب جديد في الحكامة وتطهير المال العام، وانتكاسا لعهد الأرقام المغشوشة و”الهدايا” السخية التي غذت على مدى عقود “عصابات” الرشوة الناشطة في أروقة الهيئات المانحة التي كثيرا ما انتهجت أساليب تستقي مرجعيتها الإيديولوجية من أدبيات “مؤتمر برلين 1948″، الذي يقر “حتمية” عجز العالم الثالث عن تصور أي طموح حضاري لدول انتزعت سيادتها بعد سيول الدم و”جفاف” النهب…
في الثالث والعشرين من يوليو 2010، وفقت موريتانيا في انتزاع شراكة “منصفة”، تعتمد منطق الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة: أعطت الصورة الحقيقية لوضعية البلاد الاقتصادية، لتنتزع أثمن شراكة في تاريخ التعاون للدولة الموريتانية، بشفاعة صراحتها ومواردها الطبيعية، ثم إرادتها الصادقة في القضاء على النهب وإبعاد اللصوص، لتحويل الثروة الوطنية إلى خبز في أفواه الجياع، وقرص دواء يستقر بمعدة المريض، وكراسا تلهو به أنامل الأطفال، وبزة تحمي بوقار أرض المرابطين.. وعهدا يحمي شرف رجال “التغيير البناء” بعد أن حملوا الأمانة!
إن ظفر نظامنا بمائدة “بروكسيل”، نتيجة لائقة لسياسة خارجية وفقت في ملائمة الأساليب الدبلوماسية الحديثة لإرث حضاري لنا منه ـ على الأقل ـ نصيب سنام صحرائنا الثرية بمنطق العفة والإقناع!
إن مواكبة ما بعد “استشاطة” “شارل مارتيل” ساهم وبدفع ديمقراطي إلى أن يوفق ولد محمد الأقظف في إقناع جارة “ابواتييه” بأن أسلوب الحضارة قد يكفي لينتزع البيان ما قصر عنه حد سيف هزيمة مرتجلة!
لقد وفق ثنائي الطلاقة والمودة في إقناع من “بعد في النسب” بأن للبيت رب يحميه، ويسهر على ارتسام ابتسامة طرية على شفاه أطفاله المحرومين، وبأنه له ما له و “لقيصر” ماله، تحت فيء “العزيز” الذي بايعته رعية ألبسته التاج بعد أن تجرعت دفق مروئته ودفء تقسيمه العادل “لخراج” طالما احتجزته أرصدة، تحصنت عن شعبه باستحالة “التأشيرة” وطول المسافة التي عجزت بقالها المدبورة عن وصولها!
إن سر نجاح وفدنا الحكومي في اجتياز اختبار المانحين يعود إلى وضوح الرؤية التي تم عرضها لبلوغ تنمية تضمن الاستقرار وتطمئن الشركاء بأن الجمهورية الإسلامية الموريتانية ماضية في سبيل الدمقرطة، وتعزيز المكتسبات في مجال التناوب السلمي على السلطة، بعد أن أصبح الجيش جمهوريا بفعل المكانة والإمكانيات، ليسهر بكل ما أوتي من قوة على السير المنتظم للمؤسسات التي تحتضن “تنديد” و”رفض” المعارضة إضافة إلى تمرير القوانين والمشاريع التي أقرت الإصلاح ومكنت من ولوجه بقية مفاصل الدولة.. اعتماد حرية التعبير وسيلة ومرجعية للرقابة على نسق سير الحياة العامة بكامل الأريحية التي تستحقها أبهة صاحبة الجلالة.. لجلجلة صوت النقابي “الحر” مطالبا دونما حرج بحقوق باتت إلى عهد قريب من عداد “الممنوعات”.. لاحتضان وفود اللاجئين العائدين بعد عقود الغياب إلى وطن حنون، منحهم الهيبة والاحترام.. لتقييد اللصوص من أكلة المال العام وفتح بوابة الجمهورية لأجيال طالما لفظتها زبانية العقيد ومنطق الغبن الذي أقرته جمهوريته العرجاء.. لاعتماد الوطن عقيدة والأمة طموحا لبلد يستعد للتو بكل أبهة لتشييد مستلزمات خمسة عقود من الاستقلال شبه الفارغ!
إن الذين يزايدون على خبز شعب طالما حرموه من حقه في العيش الكريم، كان أحرى بهم أن يحيدوا عن طريق أحفادهم المنهمكين في تشييد ما عجزوا عنه طيلة عقود امتهنوا خلالها سمسرة رموز الدولة وإمكانياتها دون أبسط مسائلة!
بعد أن أيقنتم أننا هناك لن ندع أي “مارق” يحابيكم لتجويع أحفاد منعتموهم الدواء والقلم؛ وأشياء أخرى ثمينة فاحذروا وقع الحذاء الخشن لمواجهة (…) المتشققة بفعل ما عصف بسفينتكم التي ضلت ذات يوم سبيل الحرية!
سيدي الرئيس، واصل التطهير، وعلينا نحن التعقيم حتى يوفق جيل “التغيير البناء” في إيفاد قوافل “ابر وكسل” القادمة لإشباع شعبك الفقير إلى إصلاحك العادل.