لم يكن مخاض “الخلافة” سهلا؛ فحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)؛ الذي يشكل الواجهة السياسية لإسلاميي موريتانيا؛ قدم رئيسه محمد جميل ولد منصور مرشحا للمنصب؛ إلا أن المجلس الدستوري؛ رفض أوراق الرجل؛ لسبب بنيوي بسيط؛ هو أنه لا يملك منصبا انتخابيا.
تمخض الحوار الوطني ـ الذي دار بين السلطة وأحزاب المعاهدة؛ وأسفر عن تعديلات دستورية؛ طالت الدستور الموريتاني ـ عن اشتراط صفة انتخابية لزعيم المعارضة، وهو ما سد الطريق في وجه ولد منصور؛ الذي لم يتقدم للانتخابات.
الحسن ولد محمد؛ الشاب المزداد في نواكشوط عام 1969؛ والذي يحمل إجازة في القرآن الكريم؛ تابع دراساته في كلية العلوم القانونية والاقتصادية في جامعة نواكشوط؛ وتخرج بإجازة في القانون الخاص عام 1995؛ وبالتزامن مع متابعة دروسه في الجامعة؛ تلقى الرجل تعليما موازيا في معهد ابن عباس.
دلف الحسن ولد محمد؛ أول ما دلف إلى العمل السياسي؛ من خلال رافد الطلاب الإسلاميين عام 1989؛ وإن كان إسلاميو موريتانيا لم يدخلوا بعد ربيعهم في موريتانيا.
كانت قائمة المطلوبين من الإسلاميين عام 1994؛ تضم اسم الحسن ولد محمد؛ لكن “قدرته على الاختفاء”؛ كما يقول في دردشة هاتفية مع صحراء ميديا؛ حمته من الاعتقال؛ في تلك الحملة؛ وفي مواسم الاعتقالات اللاحقة؛ التي امتدت على مدى عقد من الزمن.
بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع أسس الرجل وعشرين من “إخوانه” (لا يستخدم الإسلاميون في أدبياتهم عبارة الرفاق)؛ أسسوا مبادرة أطلقوا عليها اسم “الإصلاحيين الوسطيين”، وقدمت المبادرة اسم الرجل كمرشح لبلدية عرفات؛ وهو الاختبار الذي نجح في تجاوزه بعد اتفاق أبرم بين ائتلاف قوى التغيير؛ (التجمع الناظم للمعارضة الموريتانية أيامها)؛ يقضي بدعم أحزاب الائتلاف للائحة التي تفوز بأكبر نسبة من التصويت في الانتخابات البلدية.
يقول الحسن ولد محمد إن أهم إنجاز حققه في إدارته للبلدية هو نجاحه في إدارة فريق غير متجانس ينتمي إلى خمسة عشر حزبا سياسيا؛ ويضيف: “ربما يكون قد حصل اختراق حيث التحق بعض زملائي من أعضاء المجلس البلدي من الأحزاب الأخرى بحزب تواصل”.
ويقول ولد محمد إن بلدية عرفات رغم أنها في بيئة سماها “مدنية مترحلة”؛ إلا أن مبناها جيد؛ ووضعية عمالها ممتازة مقارنة مع البلديات الأخرى.
صعد ولد محمد إلى واجهة الإعلام في عدة مناسبات؛ من بينها إصداره قرارا بتحريم التدخين في الأماكن العامة في بلدية عرفات؛ وهو ما كان في النهاية قراراً رمزيا.
اعتبر ولد محمد الوضع كارثيا في عرفات؛ عقب الأمطار التي تساقطت السنة الماضية، وتداول الإعلام على نطاق واسع قوله إن المقاطعة “منطقة منكوبة”؛ وهو ما تداركه الرجل بأنه للفت الانتباه إلى المنطقة؛ لأن الحكومة تركز على المقاطعات الأخرى.
ربما يسعى حزب “تواصل” من خلال تمرير ولد محمد إلى زعامة المعارضة إرسال رسالة إلى الساحة؛ مفادها أنهم يضخون دماء جديدة؛ في إطار “تجديد الزعامات”.