بقلم/ الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد بابانا
عضو بالمجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية
الرأي قبل شجاعة الشجـعان هو الأول و هي المحل الثاني
مرت يوم الأحد الماضي (18/7/2010) الذكرى الأولى لانتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالأغلبية الساحقة من أصوات الشعب الموريتاني (53%) وفي الشوط الأول من انتخابات اعتبرت الأكثر تنافسية في تاريخ البلاد. شهدت بشفافيتها و نزاهتها المجموعة الدولية التي واكبت مجرياتها، فهذه الانتخابات هي الأولى من نوعها التي تجري تحت إشراف حكومة وفاق وطني تتولى المعارضة نصف حقائبها الحيوية والإستراتيجية (الداخلية، الدفاع، المالية، الإعلام… إلخ). كما تولت رئاسة اللجنة الوطنية للانتخابات التي عهد إليها بثلثي أعضائها. كلها تنازلات لصالح المعارضة كي تقوم عليها الحجة في حالة فوز المرشح محمد ولد عبد العزيز و حتى لا يبقى لطعونها المتوقعة مبرر و لا مسوغ.
ولدى تسلمه مهام الحكم بتنصيبه في الخامس من أغسطس 2009، كان الكثيرون يشككون في قدرة الدولة على الوفاء بأقل المعقول (تسديد رواتب العمال)، هذا فضلا عن الوضع
العام الذي لم يكن مريحا في بلد طحنه الفساد والتسيب لأكثر من خمسة عقود على استقلاله. تمنى الكثيرون من هواة السباق إلى كرسي الحكم، وعشاق “المحاصصات”، أن ينسى الرئيس محمد ولد عبد العزيز شعاراته قبل وعوده، وأن يركن إلى أساليب الحكم النمطية في العالم الثالث وتلك التي سادت في بلدنا بالذات خلال ثمانية أحكام سابقة، كان فيها “البرنامج الرئاسي” أو “البرنامج الانتخابي” يعاد استنساخه بنفس الوعود والالتزامات
عند كل مأمورية لأن الواقع كان يبقى كما هو أو أسوأ مما كان. في ذلك الوقت كانت موريتانيا، قبل سنة، تواجه تحديات جديدة مضافة للتحدي التنموي “الثابت”، وكان التفكير في تحسين الأمور من قبل المستحيل أو ضمن لائحة “الاستهلاك المحلي”، حيث غالبا ما تلهي الأنظمة الشعوب بحكايات وأساطير على غرار ما تفعل الجدات لتنويم أطفالهن.
لكن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أثبت أنه خارج قائمة الرؤساء الاعتياديين، وأنه جاء إلى الحكم مصحوبا بحلم مشروع في تطوير البلد وإعادة الاعتبار إليه داخليا وخارجيا، فكانت حصيلة السنة الأولى باهرة بكل المقاييس، رغم أنها “عرفيا” سنة للتحضير
والتخطيط والاطلاع على الملفات وغير ذلك. ولأن هذه المساحة لا تسمح بالتفاصيل، فإنه من الضروري تذكير القارئ الكريم والرأي العام بضرورة التوقف والتأمل في الخطوط العريضة لحصيلة أول سنة من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتكون الصورة أقرب من العمل الجبار الذي يباشره الرئيس وطاقمه وأغلبيته الرئاسية.
منذ اللحظة الأولى لتنصيبه أثبت الرئيس أنه قريب من نبض شعبه وخاصة شريحة الفقراء
التي تمثل الأغلبية المطلقة من هذا الشعب، والتي كانت مخزنا للإهمال والنسيان والتجاهل بل والاحتقار أحيانا.
ظل الرئيس رئيس الفقراء، واتضح أنه بالفعل يجد سعادته بينهم وفي خدمتهم وهو ما تجلى
من خلال مشاريع ملموسة مست حياة الآلاف من الفقراء والمحتاجين من خلال إجراءات
خدمية على الميدان. واهتمام يومي متواصل بحياة الطبقات المسحوقة واستجلاء واقعها
والتعامل معه بأقصى مرونة ممكنة.
وأكد الرئيس من خلال كل السياسات المتبعة أنه يستثمر وطنيا وسياسيا في المواطن
الموريتاني البسيط المنسي والمهمش، وبذلك كشف الرئيس عن دهائه السياسي من خلال
الرهان على الفقراء كرأس مال سياسي وتنموي، وهو ما فات الكثير من القوى السياسية
والنظم التي حكمت البلد واعتمدت على إدارة الهرم الاجتماعي و المافيوي دون أي
اعتبار للأغلبية الساحقة من الشعب.
وهكذا رسخ السيد الرئيس مفهوما جديدا في إدارة الحكم في البلاد قائما على الاستجابة
والتفاعل مع نبض الشارع الموريتاني وهمومه دون القبول بأي شكل من الأشكال بالخضوع
لابتزاز وسلطة “البديل” المتمثلة في شيوخ القبائل ودهاقنة الجهوية والفئوية ورأس المال الخصوصي… وغيرها من أوراق كانت وحدها على طاولة إدارة شؤون البلد.
تغيرت اللعبة في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وأصبح الشارع الموريتاني هو وحده
الورقة الرابحة والمؤثرة في القرار الموريتاني.
وقد دلت حملة الانتساب لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، أكبر أحزاب الأغلبية، على
مدى تزكية الشارع الموريتاني للسياسات التي اتبعها الرئيس، إذ فاق الإقبال التوقعات
رغم أنه تم تحييد المال العمومي لأول مرة عن خزينة حزب حاكم في موريتانيا. كما شكل
المؤتمر التأسيسي الأول للحزب نموذجا آخر للنجاح السياسي، فلأول مرة يعلن حزب حاكم
أنه ليس أداة تصفيق بيد الحكومة، ويعلن إصراره على الرقابة والدفاع عن هموم
المواطنين ومواكبة أفراحهم وأتراحهم.
بل لأول مرة يتمكن حزب موريتاني من الحصول على تزكية إقليمية ودولية من خلال أربعين
وفدا حزبيا عربيا وإفريقيا وعالميا واكبت أعمال المؤتمر التأسيسي للحزب وأشادت
بتجربته السياسية وصدقية عمله الميداني. على الصعيد التنموي، باشر الرئيس محمد ولد عبد العزيز وضع مئات المشاريع التنموية
قيد التنفيذ والتخطيط، ويجري اليوم في موريتانيا تنفيذ خمس حزم من المشاريع ذات
الأولوية والتأثير المباشر على الحياة العامة في البلد.
فقد أطلق فخامة الرئيس سلسلة إنجازات في قطاع الصحة، والذي رغم أنه أحد أكثر
القطاعات حساسية بالنسبة لحياة المواطنين فقد كان الأكثر إهمالا من طرف الأنظمة
السابقة. تمثلت هذه الانجازات في تشييد مستشفيات جديدة (أربع مستشفيات في نواكشوط
وحدها)، وتجهيز المستشفيات والمستوصفات الموجودة بكل الأجهزة والمعدات الطبية، ورفع
نسبة التغطية الصحية، و وضع سياسة صحية شاملة وإستراتيجية على المديات القريبة
والمتوسطة والبعيدة. من شأن هذه السياسة التي تقوم على محاور (إقامة البنية
التحتية، ورفع أداء الكادر البشري، و وضع سياسية دوائية شفافة)، أن تحدث نقلة نوعية
و تحسنا ملحوظا على الأداء في القطاع الصحي في البلاد.
كما شرعت الحكومة في تنفيذ أكبر مشروع إسكان في تاريخ الدولة، يستهدف توزيع الأراضي
السكنية في نواكشوط – انواذيبو – روصو، ويقضي هذا البرنامج بتوفير السكن اللائق
لآلاف الأسر الفقيرة، والقضاء على ظاهرة أحياء الصفيح التي تعتبر معرة في تاريخ
التسيير في البلد، حيث يسكن آلاف المواطنين في أماكن خطيرة ولا تتوفر على أبسط شروط
السكن الملائم. كما يهدف هذا البرنامج إلى تأمين السكان من مآسي غرق بيوتهم في موسم
الأمطار (روصو نموذجا). كذلك تسهيل إيصال القطاعات الخدمية من صحة وتعليم ومياه
وكهرباء وطرق وغيرها إلى السكان المستهدفين بهذا المشروع الكبير.
أمر الرئيس بتنفيذ مشاريع في قطاعات المياه والكهرباء، تعتبر من أكثر المشاريع
حيوية، ومنها مشروعي تعميم الكهرباء والماء على العاصمة نواكشوط قبل نهاية هذه
السنة وهو المشروع الجاري حاليا بخطوات متسارعة. وفي هذا المجال فقط سترتفع التغطية
الكهربائية في نواكشوط مثلا بنسبة 55%، أي أكثر من الطاقة المنتجة في ظرف الخمسين
سنة الماضية، كما يجري تنفيذ والإعداد لتنفيذ مئات الشبكات المائية (أكثر من 500
شبكة ونقطة مائية) في الداخل لصالح السكان الأكثر احتياجا والتجمعات السكانية التي
تعاني من النقص الشديد في مياه الشرب.
وفي المجال الزراعي، أشرف الرئيس هذه السنة على إطلاق الحملة الزراعية، بعد وضع أسس
صحيحة لتحسين أداء هذا القطاع وفق خطة واضحة حددت رفع الإنتاج الزراعي في البلاد
بنسبة 42%، وتم رصد مليارات الأوقية لتحقيق هذا الانجاز الذي يلامس حياة آلاف
المزارعين والسكان والعمالة التي تعول على هذا القطاع، فضلا عن دوره الحيوي في
الأمن الغذائي الوطني.
وهكذا فإن السياسة الزراعية التي رسمها الرئيس تحيد السياسة السابقة القائمة على
تبديد الأموال تحت ذريعة إنتاج زراعي وهمي، وبدلا من ذلك تقوم على إعادة تأسيس
للقطاع الزراعي على أسس واقعية وعلمية من جهة وعلى مردودية ملموسة تحدد سقف نسبة
عالية واستثنائية في المنتوج الزراعي الوطني.
وفي قطاع الطرق والمواصلات، حققت السياسة التي رسمها الرئيس نتائج ملموسة تمثلت في
الطرق التي تم تشييدها وتلك التي يجري التخطيط لها تنفيذا أو دراسة.
وتميزت الشبكة الطرقية الجديدة بكونها ركزت على فك العزلة عن التجمعات السكانية في
عواصم المدن (نواكشوط، النعمة، روصو، انواذيبو،) وإعطائها الوجه اللائق، وعلى الطرق
الإستراتيجية التي تفك العزلة عن الداخل والتي تربط العديد من المناطق الداخلية
ببعضها البعض، وقد تم الحصول على تمويلها (تجكجة ، أطار، كيفه ).
كما تمت المصادقة على تأسيس شركتي نقل (جوي وبري) سيكون لهما دور حيوي في قطاع
النقل الوطني وتسهيل خدمة النقل بالنسبة للأشخاص والبضائع داخل مدن البلاد.ويجري
حاليا بانواذيبو تشييد أكبر ميناء منجمي في شبه المنطقة، ولا يخفي على أحد أن
الدولة الموريتانية كانت قد استقالت من رعاية قطاع النقل خلال العقود الماضية وهو
أمر انعكس بشكل سلبي واضح على المواطنين وعلى الحركة الاقتصادية والتجارية في
البلد.
وفي مجال الأمن، لا يخفى على أحد أن موريتانيا تحولت منذ ثلاثة عقود إلى مفازات
ترتع فيها شبكات التهريب بمختلف أشكاله، ولم تكن الحدود الموريتانية معروفة
للمسؤولين إلا عبر النظر إلى خريطة البلاد.
وقد قلبت السياسة العسكرية والأمنية التي انتهجها الرئيس هذا الوضع رأسا على عقب،
فقد سيطرت موريتانيا لأول مرة على حدودها عبر تحديد معابر حدودية إلزامية، وأعطيت
عناية خاصة لتسليح الجيش وتدريبه ليكون قادرا على القيام بواجبه الوطني، وكانت
النتيجة أن الجيش اليوم متواجد في جميع نقاط التراب الموريتاني ويقوم من خلال
كتائبه وفيالقه بالتصدي للإرهاب الجهادي وشبكات تهريب المخدرات والهجرة السرية في
منطقة الساحل، وقد حققت المؤسسة العسكرية والأمنية نجاحات كبيرة في هذا المجال، إذ
حالت التعبئة العسكرية والأمنية ضد العديد من العمليات الإرهابية وحدت من الهجرة
السرية، وبات الجيش الموريتاني اليوم يقوم بدور إقليمي في أمن المنطقة معترف به
إقليميا ودوليا من قبل الأصدقاء والشركاء والمجتمع الدولي.
وفي مجال الاستثمار، حرص الرئيس على تشجيع وجلب الاستثمارات من أجل إنعاش لاقتصاد
الوطني، ويكفي متابعة عدد وفود المستثمرين التي زارت البلاد خلال السنة الماضية،
وكذلك عدد الرخص للتنقيب عن المعادن الثمينة، والممنوحة من طرف مجلس الوزراء
أسبوعيا للشركات الموريتانية والعربية والإفريقية والعالمية.
أما في مجال الاقتصاد والتمويلات الدولية، فقد تابع الجميع النتائج الباهرة للطاولة
المستديرة في أبروكسيل، حيث قدم المانحون أموالا فاقت التوقعات بأكثر من 400 مليون
دولار لتصل إلى 3.2 مليار دولار. وأعلن معالي الوزير الأول الدكتور مولاي ولد محمد
الأغظف أنه لدينا اليوم عمليا 5 مليارات دولارا بعد إضافة التمويلات التي تقدمت بها
دول وصناديق تمويل خارج اجتماع أبروكسيل.
وهكذا تكون السياسة العامة التي اتبعها الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد أقنعت
الشركاء الدوليين بجدية المشروع التنموي الذي طرحه السيد الرئيس لتطوير البلاد، إذ
حصلت موريتانيا لأول مرة في تاريخها على تعهد بمبلغ 5 مليارات دولار وهو أكثر
بالضعف من أي تمويل حصلت عليه في تاريخها.
وكان هذا التمويل بمثابة تجديد الثقة من المجتمع الدولي في المشروع السياسي الذي
تبناه الرئيس غداة انتخابه في الثامن عشر من يوليو 2009.
وفي المجال الدبلوماسي، لا يماري أي متابع للوضع اليوم في أن موريتانيا حققت نجاحا
دبلوماسيا غير مسبوق، بعودتها لعمقها الطبيعي عربيا وإفريقيا، واحتلت مكانة مرموقة
إقليميا ودوليا عبر علاقات جيدة مع كافة محاور العالم، وهو ما أشاد به الجميع من
واشنطن إلى طهران.
لقد قام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بجهد كبير من أجل إعادة بناء دبلوماسية
موريتانية قائمة على حق موريتانيا في إقامة علاقات مودة واحترام ومصالح متبادلة مع
أي دولة في العالم بغض النظر عن الخطوط الحمراء لهذا الحلف أو ذاك.
لقد واكبت هذه الانجازات عملية إصلاح قانونية وهيكلية وإدارية شاملة، تمثلت في
الحرب التي لا هوادة فيها على الفساد والمفسدين وإيقاف هدر أموال الشعب الموريتاني،
وتشديد الرقابة المالية والإدارية. وكل الموريتانيين يذكرون التسيير الذي كان سائدا
قبل النظام الحالي، ولعل معالي الوزير الأول الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف كان
بليغا في التعبير عن حالة التسيب تلك التي كانت سائدة عندما قال أمام الجمعية
الوطنية إن بعض الوزراء كان يدفع فاتورة طبيب أسنانه الخاص من ميزانية الدولة.
كما عمل النظام على تقريب الإدارة من المواطنين، وإصلاح المنظومة القانونية للبلد
في قطاعات هامة وحساسة (تحرير الإعلام المرئي والمسموع، قانون الجنسية، قانون
الإرهاب، .. إلخ)، ووضع أسس سليمة لنظام الحالة المدنية الجديدة، ورفع رواتب
الموظفين والعمال بتعميم عوائد مخصصات السكن والنقل بعدالة بينهم.
كذلك إيلاء عناية خاصة بالوضع المعيشي للسكان من خلال وضع أسعار المواد الغذائية
في أدنى حدود ممكنة، وبرامج التوزيع المجاني للأغذية على المناطق الأكثر احتياجا.
وعلى الصعيد السياسي تميزت الساحة الموريتانية بنشاط حزبي ومدني كبـير، امتد من
الندوات العلمية والفكرية والسياسية والسجالات النقدية بين الأغلبية والمعارضة إلى
استعراض العضلات الشعبية في الشوارع عبر سلسلة من المهرجانات والوقفات والاعتصامات
تأييدا ومعارضة.
وخلال السنة المنصرمة وعبر دورتي البرلمان، استجوب نواب الشعب جميع أعضاء الحكومة
في جلسات علنية صريحة ومباشرة حول كل القضايا والملفات، ويكفي وصف وسائل الإعلام
لكل من الدورتين بأنها الأسخن في تاريخ البرلمان الموريتاني.
ورغم أن قادة المعارة وصلوا في خطابهم السياسي حدا غير مسبوق من التهجم والنقد
الشخصي، بل و تجاوزوا الأدبيات السياسية المتعارف عليها بالدعوة جهارا للإطاحة
بالنظام المنتخب بالعنف و القوة، فقد مارسوا حريتهم التامة بكل طمأنينة وشفافية
ودون أية مضايقة سواء عبر الشارع أو المكاتب أو وسائل الإعلام.
وقد أثبت الرئيس محمد ولد عبد العزيز أنه رجل ديمقراطي من الطراز الأول فرغم أن
المعارضة لم تمتلك الشجاعة الكافية للاعتراف بشرعية النظام الذي أفرزته انتخابات
أشرفت عليها المعارضة بنفسها والمجموعة الدولية و رغم موقف قوة مؤسس على إنجازات
ميدانية ملموسة في مجال التنمية والمشاريع التي تلامس هموم وحاجيات السكان و التفاف
شعبي غير مسبوق وراء قيادته ودعم إقليمي ودولي حصل عليه في وقت قياسي، ففي موقف قوة
كهذا بادر الرئيس إلى دعوة المعارضة للحوار حول كل القضايا وفي أي مكان وأي زمان.
هذا تصرف رئيس ديمقراطي مؤمن بالتعددية، بل تصرف رجل حوار وتفاهم، يقدم الوطنية
ومصالح الأمة على ما سواها، لأن الرئيس ليس رئيسا للأغلبية فقط بل رئيس كل
الموريتانيين موالين ومعارضين، والرئيس وفق هذه الفلسفة فتح ألباب أمام الحوار
الوطني في كل ما يخدم البلد، وأبلغ هذه الدعوة مباشرة لاثنين من قادة المعارضة، كما
أعلنها معالي الوزير الأول أمام البرلمان وأمام وسائل الإعلام. لكن المعارضة لم ترد
على هذه الدعوة حتى الآن رغم مرور فترة أكثر من كافية للرد، بل لا زالت تتعلل
بمواقف غامضة.
وأظهر الرئيس في أكثر من مناسبة وموقف حرصه الشديد على أداء المعارضة دورها في
الرقابة والنقد بوصفها جزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية في البلد.
وباختصار شديد فقد تميز حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وخلال الفترة الوجيزة
الماضية، بمطابقة الأقوال بالأفعال، عبر الكثير من العمل والمشاريع التنموية
الكبيرة، التي تمت اعتمادا على المقدرات الذاتية للدولة الموريتانية بفضل حسن
التسيير، لأن التمويلات الخارجية لم تستغل بعد، كما تميز بحنكة سياسية كبيرة ورؤية
ثاقبة في عملية إعادة تأسيس الدولة وفق شعار التغيير البناء الذي تبناه الرئيس غداة
تقديم مشروعه الانتخابي إلى الشعب الموريتاني.
لقد ظهر من خلال العمل المنجز، والعمل قيد الإنجاز، أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز،
أحدث بالفعل تغييرا جذريا في تسيير الدولة وفق أسلوب ثوري هادئ وجريء، تمكن خلاله
من قطع أشواط كبيرة في عملية التغيير، وبعث الأمل في نفوس الأغلبية الساحقة من
المواطنين الذين باتوا يشعرون أن الدولة فعلا تمر بمرحلة تأسيس قائمة على لغة
الانجازات لا الإدعاءات.
وأصبح مما لا شك فيه أن الشجاعة التي أظهرها محمد ولد عبد العزيز من خلال قيادته
لتغييري 2005 و2008، ليست شجاعة تهور بل شجاعة رأي و رؤية، مؤسسة على عمل وطني
مدروس، بدأ اليوم يؤتي أكله.
الرأي قبل شجاعة الشجـعان هو الأول و هي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان
و لربما طعن الفتى أقرانه بالرأي قبل تطاعن الأقران