نواذيبو ـ سيدي محمد ولد يونس
بات جدار البنك المركزي في مدينة نواذيبو شمال موريتانيا الملاذ الوحيد للمحتجين في تلك المدينة الساحلية الغنية بموارد السمك في البلاد، ولأن مبنى الولاية يختزل كل مصالح الدولة في ذات المكان.. ولكون الوالي ممثلا لرئيس الجمهورية ولمختلف الوزارات؛ رغم تشعب اختصاصاتها، كان الوالي ومبنى الولاية وجهة المتظلمين القادمين من كل حدب وصوب” يقول احد المحتجين .
وما إن تتسلل خيوط الشمس عبر ضباب خليج الراحة، المتفرع من شاطئ الرأس الأبيض، حتى يبدأ توافد المحتجين باتجاه حائط البنك المركزي في نواذيبو، فيحضرون زرافات ووحدانا، مسندين ظهورهم إليه في وضعية تمكنهم من رصد كل ما يدور داخل مبنى الولاية، رافعين شعارات مكتوبة حينا، وبالهتافات أحيانا كثيرة، للمطالبة ب”رفع الظلم وتحقيق العدالة”.. وفي بعض الحالات يتم تشييد خيام، يثبت جزؤها الخلفي في حائط البنك، لإيواء المعتصمين احتجاجا على إجراء جماعي، يرونه غير مناسب، ومطالبين الوالي بالتدخل لنقضه.
وفي كثير من حالات الشكوى والاحتجاج والاعتصام، تُحبط محاولات تسلل الوافدين من قبل صفارة الحكم، فيتدخل حرس الولاية لإبعادهم، إلا أن العنف قلما يكون سيد الموقف.
الشكايات؛ في مجملها، تأتي من عمال يبحثون عن حقوق ضائعة، أو يرفضون تسريحا جماعيا.. وكأنهم، وهم يسندون ظهورهم على حائط البنك المركزي، يقولون للسلطات الجهوية “البنك أمامكم، والخزينة خلفكم، والقرار بيدكم” يعلق احدهم
و شهد حائط البنك المركزي في نواذيبو توافد بحارة من شركات صيد شتى، جمعهم قرار السلطات بمنع أصحاب جوازات الإبحار المزورة من العمل في سفن الصيد، فقرروا التظاهر للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تزوير البطاقة في وزارة الصيد وإدارة البحرية التي تمثلها، وبمنحهم جوازات صحيحة انطلاقا من تجربتهم الطويلة عبر الممارسة الميدانية لمهنة الصيد، كما طالبوا بدفع مستحقاتهم على الشركات التي استنزفت شبابهم؛ كما يقولون.
و شيد عمال مفصولون من بلدية نواذيبو خيمة اعتصام أمام حائط البنك المركزي، للمطالبة بإلغاء القرار، والحصول على الحقوق.
و قرر عمال الشركة الموريتانية الجزائرية للصيد البحري
تنفيذ أطول اعتصام عرفته العاصمة الاقتصادية أمام حائط البنك المركزي بالولاية، حيث ظلت خيمتهم منصوبة طيلة الفترة الانتقالية الأولى، ولأن الشركة انضمت مبكرا إلى قائمة شركات الصيد التي سادت ثم بادت؛ فلم يضع عمالها المعتصمون عامل الوقت ضمن أجندتهم، فتحولت خيمتهم إلى ناد للنقاشات المتشعبة والألعاب الذهنية التقليدية “ظامه”، بالإضافة إلى ألعاب الورق.. حتى أن خيمة الاعتصام أمام “حائط المبكى” كما يطلق عليه في نواذيبو ، باتت وجهة المتطفلين من أبناء المدينة الذين يجدون في تفيئ ظلالها فرصة للخروج من روتين العمل وضوضاء البيت.