أظهرت الانتخابات المقررة في أواخر نوفمبر 2013 العديد والعديد من الترشحات في كل أنحاء البلد . تري ، هل ستسفر هذه الانتخابات عن بروز نخبة سياسية جديدة أكثر كفاءة من سابقاتها ؟
حول هذا الموضوع حاورنا المرابط ولد محمد الحسن في المقابلة التالية :
سؤال : يبدو أنك قد تقدمت لترشيح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لمنصب عمدة بلدية تجكجه . هل هذا صحيح ؟
جواب: بالفعل هذا صحيح
سؤال : ولكن منذ متى وأنت في هذا الحزب ؟
جواب : قد لا تعلم أنني ترشحت منذ قرابة سنتين لمنصب شيخ تجكجه من نفس الحزب ولم أنتسب لأي حزب آخر منذ ذلك الوقت وحتى الآن. ألا يكفي ذلك ؟
سؤال : كنا نعرف عنك أنك من أهل الثقافة والآداب وأنك مشغول بالبحث . ما علاقة هذا بالسياسة وهل يتفق هذا وذاك ؟.
جواب : إذا نظرنا إلى كل الحضارات في هذا العالم ، نجد أن هناك مجالان متقاربان ظلا دائما يشكلان الميدان المفضل للمثقفين والأدباء والحلبة التي يلمعون فيها أكثر من أي ميدان آخر وهما السياسة والدبلوماسية .
تذكر معي حمورابي وسالوست، وأبى بكر الصديق (نسابة العرب ) وعمر ابن عبد العزيز (الفقيه ) ونظام الملك ، ولامارتين وتوماس جيفرسون ، وماو سيتونغ وسنغورو وميتران وحسنين هيكل وأحمد ولد سيدي بابه وأحمد باب مسكه وغيرهم كثر. أنا لا أحسب نفسي أبدا مع أصحاب هذه الدرجة العالية لأن ذلك تطاول وادعاء لا يغتفر ,وإنما ذكرت أسماءهم لأعطيك أمثلة شاهدة على تعاطي أهل الثقافة والفكر للسياسة فقط .
وعلى كل حال وبغض النظر عما سبق فأنا أرى أن منصب العمدة ليس بالقدر من التسيس الذي يطبع مناصب أخرى مثل الوزير والشيخ والنائب خاصة إذا تعلق الأمر بالمناطق الداخلية في البلدان السائرة في طريق النمو.
إن لدي شخصيا نظرية خاصة حول المواصفات التي يجب أن تتوفر في عمد ينتدبون لمدن من أمثال تجكجة، أطار، بوتلميت، بابابي، مقامة، كيفه، و عيون العتروس ….حيث أرى أن الإشكاليات التي تفرضها العولمة والتحديات التي يواجهها هذا النوع من المناطق، كل ذلك يستوجب أن يحاط اختيار العمدة المناسب بعناية خاصة وأن يخضع قبل كل اعتبار لمعايير الكفاءة والأهلية والملائمة الشخصية :
• على المرشح مثلا أن يكون على مستوى ثقافي مقبول يمنحه القدرة على دراسة الأمور ووضع المسائل في نصابـها الصحيح.ويسمح له أن يقوم بعمله ويضطلع بمهامه ومسؤولياته على الوجه المطلوب .
• يجب أن يتمتع بسمعة حسنة في منطقته وأن يكون رجل علاقات واسعة وصداقات متعددة في أنحاء البلد تعينه فيما بعد على تأدية مهامه.
• يلزمه أن يكون ذا معرفة واسعة لكل المكونات الإجتماعية في بلديته وملما كل الإلمام بظروف سكانها وبمشاكلهم وكذا تطلعاتهم .
• من مواصفات العمدة المناسب كذلك أن يتمتع بشخصية متوازنة تطبعها الرزانة والوسطية والحيوية واتساع الباع والعدالة وأن يكون حاملا لأفكار خلاقة وصاحب مبادرات بناءة وحسن التعامل مع السلطات التي ستسهل له مهامه .
• وأهم من هذا كله أن يكون قادرا على إعداد برامج عمل واقعية يوثق بـها، فالعلوم تبني على الوقائع مثلما البيوت تشيد باللبن ولكن ما كل وقائع تعتبر علما وكذلك ما كل ركام من الحجارة يشكل دارا.
معنى هذا أن على العمد أن يكون بإمكانهم تحديد الإمكانيات والخصائص الإيجابية لمناطقهم وكذلك تشخيص الصعوبات ثم تصور الحلول المناسبة وإقامة مشاريع وخطط عمل وبرامج مناسبة ثم إعداد ملفات تمويل مقنعة لدى الهيئات الحكومية وشركاء التنمية , لكن الأمور لا تتوقف هنا ، فعندما يحصل على التمويل ، هنا يجب أيضا على العمد أن ينفضوا عنهم غبار التكبر وأن يعتبروا أنفسهم رؤساء ورشات يتابعون بأنفسهم ويسهرون على إنجاز وإنجاح المشاريع ولا كشيوخ تقليديين أو سادة من القرون الوسطى , والمشاريع التي يحب أن يتوجهوا إليها هي المشاريع التنموية القاعدية في مجالات التعليم والصحة والمياه والزراعة والبنى التحتية والشباب والرياضة .
مثل هذا الجنس من العمد هو الذي يحتاج له رئيس فقراء وحكومة بناء وأمة عصرية ناشئة ولا الأشخاص المختارون لاعتبارات قبلية أو فئوية أو أسرية ضيقة .
قلت لك كل هذا ليس من أجل الديماغوجية ولا من باب المثالية الحالمة وإنما لأبين لك إلى أي حد منصب العمدة هو تقني وفني أكثر مما هو سياسي.
سؤال : يبدو أنك تتحدث عن جنس جديد ، هذا جميل ولكن الأحزاب الحاكمة عودتنا دائما على مرشحين تقليديين غير مؤهلين ويفرضونهم علينا وبالتأكيد لن تكون هذه المرة استثناءا.
جواب : هنا لا أشاطركم الرأي , فلا مجال للتشاؤم , أنا أرى أن هناك إرادة حقيقية من أجل التجديد والتغيير كفيلة – إن حوفظ عليها – بضخ دم جديد وبتشجيع بروز نخبة سياسية جديدة أكثر كفاءة و أكثر اهتماما وانشغالا بالتنمية والتقدم وأكثر قربا من المواطنين.
الاختيارات التي سيقوم الحزب ستعطينا فكرة عن صدق هذه الإرادة وجديتها. دعونا ننتظر ونلاحظ ، ولنكن متفائلين.
سؤال : لو افترضنا أن وقع عليك الاختيار ونجحت ، هل ستكون من المصفقين على كل شيء ,الداعمين لكل قرار؟
جواب : اسمعني جيدا، أنا أعتقد أن الاحترام والمخالقة الطيبة واللباقة وحسن الأخلاق من المسلكيات التي على الجميع التحلي بها أليس كذلك ؟
أرى أيضا أن على من يتعاطى السياسة أن يتضامن مع حزبه وحلفه السياسي بشكل جدي وثابت ولا غضاضة في ذلك. ألا تشاطرني الرأي ؟
إنني متأكد أن الدعم بتصرفات ملموسة وأقوال وكتابات منظمة ومضبوطة وموجهة في الأوقات والأماكن المناسبة تكون أكثر وقعا وتأثيرا لدى المتلقين السامعين أو الرائين من ردود الفعل المرتجلة أو التي يطبعها التهجم والتجني والتعصب .
سؤال : هل ترى أنك الأحسن وأن الحزب سيختارك ؟
جواب : لنكن جديين. لا أبدا ، أنا لا أرى الفضل لنفسي على الآخرين –معاذ الله –إني أعتقد فقط وبكل بساطة أن لدي القدرة على العمل وأنني أعرف جيدا بلدتي , لا غير . أما فيما يخص الجزء الثاني من سؤالك فللرد عليه أقول إن قرار الاختيار النهائي يرجع إلى الهيئات العليا في الحزب وسنرى إن شاء الله كيف ستكون تلك الاختيارات .
سؤال: أنت لست من أهل المال فكيف ستخوض هذه المعركة ؟
جواب : وماذا في ذلك ؟ اعلم يا خل أن ما كل شيء يتوقف على الأموال وشراء الذمم ، واعلم أن المرء لا يكون سعيدا من دون معاناة إذ لا يمكنه تقدير اليسر دون المرور بالعسر ، لأن الله عز وجل قال : ((إن مع العسر يسرا)) صدق الله العظيم .