منذ العملية الأخيرة النوعية والناجحة لجيشنا الوطني، وعيون الإرهاب لم تنم وكذا عيون بعض القوى في المنطقة ذات العقلية الخاصة، (عقلية اللص) والتي يمثل الإرهاب بالنسبة لها مكسبا ووسيلة للتكسب ولإدارة صراعاتها الداخلية والخارجية.، لشعورها بمرارة النجاح الموريتاني أمنيا ودبلوماسيا في مواجهة الحرب المجنونة كما سماها رئيس الجمهورية ، وهو النجاح الذي أشادت به حكومات ومسئولين في الإتحاد الأوروبي وغيره، ولذا كانت عملية الجبن والغدر في ثكنة جيشنا المرابط في سبيل الله أمام هجمات أولياء الشيطان ،لكن أبناء الحرائر في قواتنا المسلحة برهنوا مرة أخر!
ى، على يقظتهم وجاهز يتهم لرد العدوان ،فلولا أن اجتمع توفيق الله لتلك العيون الساهرة في سبيله ،ثم التصميم والثبات لدى عناصر حراسة الثكنة العسكرية في النعمة لكان عدد الشهداء غير قليل ، ولكن الله سلم، فالإرهاب الجبان أختار عمليته أو اختيرت له –سيان – لتؤدي هدفا مزدوجا
الأول :سياسي ودعائي : وهو إعلان الرد على العملية الناجحة لقواتنا المسلحة،وليدعي أنه يستهدف العسكريين فقط،وهو سر اختيار المكان (الثكنة العسكرية) والتوقيت بعيد منتصف الليل ، وهو بهذا يبحث عن التعاطف والحماية الشعبية التي يفتقدها في موريتانيا .
ثانيا: أما الهدف الثاني فهو عسكري دموي صرف، وكان يرمي إلى تحقيق اكبر نسبة من الخسائر.
ورغم التأييد المطلق والواجب لجيشنا في مواجهة عصابات الجنون ،إلا أنه يجب ملاحظة أمور والانتباه لها ،حرصا منا على سلامة أفراد قواتنا المسلحة وصيانة النصر، وهي أن الرد الانتقامي كان متوقعا بل مؤكدا من الإرهابيين المجانين ، وولاية النعمة ولاية حدودية لإمارة الجنون في مالي و الجزائر ،فكان من المعقول أن لا تفتر أو تستريح الجهات الأمنية في المنطقة حتى لا تعد هذه العملية اختراقا سريعا ، – خصوصا أن المعلومات الأولية تشير لحراك غير طبيعي لبعض الآليات والأشخاص قبل ساعات – مع نفينا القاطع لنية التساهل قطعا فالموريتانيات لا يلدن الخونة حتما، ولكنه!
ا دعوة مشفق لبناء نوع من اليقظة الدائمة ، الأمر الثاني أن المعلومات المتوافرة تشير إلى وجود عدد من الأجهزة الاستخباراتية في المنطقة ومن ضمنها أجهزة حليفة وصديقة وهو ما يطرح سؤالا مشروعا حول حدود التنسيق وتبادل المعلومات في إطار التعاون والشراكة الأمنية ، يجب أن يوجه بالضرورة لتلك الأجهزة لكي لا تكون لها يدا، سكوتا أو توريطا للجيش الوطني.،
أما الحقيقة التي لا مراء فيها أن الإرهاب المجنون وحلفاءه في الجريمة المنظمة في التهريب والمخدرات وبعض الأجهزة الغامضة ، أبانت عن نيتها في ضرب سيادتنا الوطنية وهو أمر له ما بعده ، مادامت أوكار الجهل والجنون أعلنت الحرب من جديد فإن هناك مهاما لا تنتظر التأجيل ،مهام على عاتق القيادة السياسية والحكومة، وعلى عاتق الشعب بكل نخبه الوطنية ، فعلى مستوى القيادة الوطنية لا تمكن المزايدة فزيارة الأمس التي قام بها رئيس الجمهورية وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة أبانت عن مدى الوعي والتصميم لدى الرجل على تغيير واقع الجيش الوطني من جيش ينهبه الفساد إلى!
جيش أكثر مهنية وجاهزية بل وأداة للتنمية. وهي رؤية تستحق الإشادة والدعم، ويبقى على الحكومة أن تترجم هذا التوجه من خلال دعم ميزانية القوات المسلحة وزيادة العناية والرعاية الموجهة لأفرادها وعائلاتهم ، والاهتمام الفائق بالجرحى والشهداء – لا قدر الله – كما أن على الدولة أن تتبنى خطابا إستراتيجيا حول التحدي الواقعي لأمننا الوطني سماته:
1 ـ التصميم على الاستمرار في التصدي فمنذ “المزرب” إلى ما لانهاية لن يحقق الإرهاب والجريمة مقاصده
2 ـ بناء يقظة خاصة لضمان أمن المواطنين والأجانب والحدود لأن الإرهاب خؤون وغدار بطبعه ، وهي يقظة غير أمنية فحسب بل ذات أبعاد متعددة تتداخل فيها السياسات والإجراءات الداخلية (المحلية) مع ما هو إقليمي وخارجي. فعلى الصعيد الداخلي هناك رزمة من الإجراءات والسياسات المتضامنة مابين ما هو ثقافي وتنموي وإعلامي وما هو أمنى وقضائي وقانوني ، أما على المستوى الخارجي فمن المهم إدراك أن هذا الجنون عابر للحدود، وآثاره تصيب الأسرة الكونية في العمق. وهو ما يجب أن يجد التعبير عنه بوضوح في الخطاب الدبلوماسي الموريتاني للعالم ،وهنا تبرز أهمية بناء مقاربة أمنية !
ودبلوماسية أكثر دقة وتأثيرا، فواجب منظري ومنفذي السياسة الخارجية والأمنية أن يكون لديهم تصور واضح عن خلفيات الشراكة من أجل قمع الإرهاب ومكافحته ،وان يضبطوا مجال التعاون فيه على أسس أكثر مبدئية وبراغماتية في نفس الوقت، وهي معادلة تتلخص في رفض الهدنة – الآن – مع هذا السرطان ورفض التفاوض المعلن والاستمرار في ضرب الإرهاب، وحصر التدخل الخارجي في تقديم المساعدة الفنية والتقنية والعسكرية والمالية والتعاون الإستخباراتي والأمني، ورفض التدخل المباشر لأي قوة أجنبية ،ودعم جهود الشراكة والتنسيق الإقليمي ضد الإرهاب مهما كانت مواقف بعض الأطراف .
3 ـ العمل على اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية مستقبلا من قبيل:
أ ـ تنظيم وضبط ما يعرف “بالحقل الديني” فغالبا ما يمثل مجالا خصبا لنماء التوجهات المنحرفة إذا لم تكن هناك يقظة من نوع خاص، وكذلك ضبط الفتوى في المجتمع. مع وجود تقارير تحدثت عن ارتفاع نسبة المغرر بهم من أبنائنا.
ب ـ تبني سياسة إعلامية شاملة ومناهضة لفكر التكفير والتفجير.
ج ـ نعيد التأكيد على أهمية إنشاء مركز معلومات ذي صبغة إستراتيجية يعنى بشؤون الأمن وتحدياته ،يكون تابعا لرئاسة الجمهورية أو الوزارة الأولى ،يمثل غرفة للتفكير والرصد ، ويعنى بالقيام بالدراسات ومتابعة تطورات الظاهرة في أبعادها المختلفة، ومن مهامه تقديم التحليل والتنبؤ والاستشارة لمختلف مستويات القرار.
4 ـ رغم خطورة الموضوع وسعة الكلام فيه إلا أننا نطالب بأهمية العمل على وعي كلي بحجم المخاطر المحيطة إقليميا ، ومخاطر التحول الداخلي ، وهو ما يجعل مسؤولية كبيرة على عاتق السلطة وقادة الجيش وعلى النخب السياسية والفكرية في بلدنا لحمايته من كل سوء.
أخيرا نشير إلا أن رئيس الجمهورية بدا موفقا – خلال مقابلته الأخيرة – في تعاطيه مع هذا الملف وقد نحت كلمات مفتاحية يجب الاهتمام بها كتوصيفه الحرب التي يشنها الإرهاب (بالحرب المجنونة) والمجندين (بالمغرر بهم) وهو فهم له تأثيره على الإرهاب والإرهابيين، وكشفهم على حقيقتهم أمام أنفسهم وأما أسرهم وأمام الأمة والعالم .، نضيف عدم قبوله للابتزاز والتخويف من أطراف عديدة، ولحملات الإعلام في أماكن قريبة جدا، وتبنيه منطق التهدئة وتغليب التفاهم ،وهو فهم عميق للموقع والتحديات. وهو ما يستحق الإشادة وأن نقول للمحسن أحسنت.